بعد عرض الأقوال وأدلتها يتبين أن الراجح -والله أعلم- القول الأول القائل بإباحة حلق الرأس في غير النسك، وهو قول الجمهور.
قال ابن تيمية -رحمه الله-: «ما جاء فيه من الكراهة فهو -والله أعلم- فيمن يعتقده قربة وشعار الصالحين، وهكذا كانت الخوارج، فأما إن حلقه على أنه مباح وإنَّ تركه أفضل، فلا»(١).
أسباب الترجيح:
١ - أن الأصل الإباحة، ويؤكده تخيير النبي -صلى الله عليه وسلم- بين الحلق والترك.
٢ - قوة أدلة هذا القول، وأنه لم يصح شيء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في النهي عن حلق الرأس.
[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]
ذهب أصحاب القول الثاني إلى أن النهي محمول على الكراهة، والذي يظهر من كلام أهل العلم أن القرينة الصارفة له: المقصد من النهي.
فالمقصد منه: التنزيه وكراهة مشابهة الخوارج؛ لكون حلق الرأس شعارهم.
جاء في (المغني) و (المجموع) استدلالهم بحديث أبي سعيد الخدري في ذكر صفة الخوارج.
وساق ابن قدامة في (المغني)، قول عمر -رضي الله عنه- لصبيغ، إشارةً إلى أن الحلق علامة للخوارج؛ فيكره التشبه بهم.
الحكم على القرينة:
قرينة المقصد من النهي هنا غير معتبرة، فلا تصرف النهي من التحريم إلى الكراهة؛ إذ -بالنظر في أدلة النهي- نجد أنه لم يثبت في النهي دليل صحيح مرفوع، وحديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- في الصحيح، ولكن كون الحلق علامة الخوارج لا يفيد