للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]

حمل أصحاب القول الأول النهي على الكراهة لا التحريم، والذي يظهر من كلام أهل العلم أن الصارف له: قرينة ورود النهي في باب الأدب والإرشاد.

أشار العلماء في كلامهم أن كراهة تغميض العين في الصلاة إنما هو من باب الأدب والإرشاد لمصلحة الصلاة، وما كان كذلك يُحمل على الكراهة (١).

قال المناوي -رحمه الله-: «فإن غمضهما بغير عذر كُره تنزيهاً» (٢).

تنوعت أقوال أهل العلم في العلة من كراهة تغميض العين في الصلاة، ومن ذلك:

قيل: أن السُّنَّة أن يرمي ببصره إلى موضع سجوده، وفي التغميض تركها.

وقيل: أنه يُكره تغميض البصر؛ لئلا يُتوهم أنه واجب ومطلوب فيها (٣).

وقيل: أن فيه نوع عبث يخل بالخشوع (٤).

وقيل: أنه مظنة النوم، ولأنه يغير هيئة المصلي (٥).

وقيل: أنه فِعل اليهود (٦).

الحكم على القرينة:

قرينة ورود النهي في باب الأدب والإرشاد قرينة معتبرة إن ثبت النهي، وإن لم يثبت النهي فإن القول بكراهة تغميض العين في الصلاة أُخذ من ظاهر هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنه لم يكن يغمض عينيه في الصلاة، ولم يرِد ما يُثبِت خلاف ذلك، ويمكن أن يصدُق علةً للكراهة جميع ما ذكره العلماء، والله تعالى أعلم.


(١) يُنظر: التحبير شرح التحرير (٥/ ٢٢٨١)، الأساليب الشرعية الدالة على الأحكام التكليفية (ص: ٣٢٣).
(٢) فيض القدير (١/ ٤١٤).
(٣) يُنظر: شرح مختصر خليل، للخرشي (١/ ٢٩٣)، حاشية الدسوقي (١/ ٢٥٤).
(٤) يُنظر: تبيين الحقائق (١/ ١٦٤).
(٥) يُنظر: المبدع (١/ ٤٢٤)، شرح منتهى الإرادات (١/ ٢٠٧).
(٦) يُنظر: مطالب أولي النهى (١/ ٤٧٥)، فيض القدير (١/ ٤١٤).

<<  <   >  >>