للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الرابع: عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: ((جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- يَسْأَلُهُ عَنِ الْوُضُوءِ؟ فَأَرَاهُ ثَلَاثاً، ثَلَاثاً قَالَ: هَذَا الْوُضُوءُ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ، وَتَعَدَّى، وَظَلَمَ)) (١).

وجه الاستدلال: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بيَّن الحد الأكمل في الوضوء، ونهى عن الزيادة عليه، وبيَّن أن مَنْ زاد عليه فقد أسرف وتجاوز، ووصفه بالإساءة والظلم؛ لما فيه من ترك الأدب بمخالفة هَديه (٢).

[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]

الذي يظهر من كلام أهل العلم أن القرائن الصارفة للنهي عن التحريم:

القرينة الأولى: الإجماع.

القرينة الثانية: ورود النهي في باب الأدب والإرشاد.

ذلك أن النهي فيه الحث على التأدب بأدب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الوضوء، والإرشاد إلى مصلحة الحفاظ على النفس من الوسواس، والحث على القصد في استعمال الماء.

قال النووي -رحمه الله-: «أجمع العلماء على النهي عن الإسراف في الماء ولو كان على شاطئ البحر، والأظهر أنه مكروه كراهة تنزيه» (٣).

وجاء في مواهب الجليل: «الأظهر أنه مكروه كراهة تنزيه» (٤).

ومما ذكره العلماء من علل النهي:

١ - أن في الإسراف إساءة وظلماً بمخالفة هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-.


(١) أخرجه أبو داود، كتاب الطهارة، باب الوضوء ثلاثاً ثلاثاً (١/ ٩٥) برقم: (١٣٥)، والنسائي في السنن الكبرى، كتاب الطهارة، الاعتداء في الوضوء (١/ ١٠٦) برقم: (٨٩) واللفظ له. وابن ماجه، أبواب الطهارة وسننها، باب ما جاء في القصد في الوضوء وكراهية التعدي فيه (١/ ٢٧١) برقم: (٤٢٢)، وأحمد (١١/ ٢٧٧) برقم: (٦٦٨٤)، صححه ابن خزيمة (١/ ١٢٦) برقم: (١٧٤)، وابن الملقن في (البدر المنير) (٢/ ١٤٣)، وصحح طرقه ابن حجر في (التلخيص الحبير) (١/ ٢٦٨).
(٢) يُنظر: المفاتيح في شرح المصابيح (١/ ٤٠٤).
(٣) المنهاج شرح صحيح مسلم (٤/ ٢).
(٤) (١/ ٢٥٨) نقلاً عن ابن ناجي.

<<  <   >  >>