للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهل العلم في كراهية هذا كله خلافاً» (١).

[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]

الذي يظهر من كلام أهل العلم أن الصارف للنهي القرائن التالية:

القرينة الأولى: الإشارة إلى علة النهي في نص آخر.

وذلك في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللهِ بْنَ الْحَارِثِ يُصَلِّي وَرَأْسُهُ مَعْقُوصٌ مِنْ وَرَائِهِ، فَقَامَ، فَجَعَلَ يَحُلُّهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: مَا لَكَ وَرَأْسِي؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: ((إِنَّمَا مَثَلُ هَذَا مَثَلُ الَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ مَكْتُوفٌ (٢) (٣)، ففي الحديث تشبيه مَنْ يصلي معقوص الشعر بالذي يصلي مكتوف اليدين؛ لأنهما لا يقعان على الأرض في السجود، فكذلك مَنْ كفَّ شعره وثوبه.

ويتبين بهذا أن علة النهي هي أنهما يسجدان معه، وهي علة لا تقتضي التحريم (٤).

القرينة الثانية: ورود النهي في باب الأدب والإرشاد.

أن النهي جاء في باب الأدب والإرشاد للتنزيه؛ إذ النهي عن كف الشعر والثوب فيه إرشادٌ للأكمل والأفضل في هيئة المصلي، وحث على آداب الصلاة، والنهي في باب الأدب محمول على الكراهة (٥).

قال النووي -رحمه الله-: «فكل هذا مكروه باتفاق العلماء، وهي كراهة تنزيه» (٦).

وقال ابن رجب: «كف الشعر مكروه كراهة تنزيه عند أكثر الفقهاء» (٧).

وقال العيني -رحمه الله-: «اتفق العلماء على النهي عن الصلاة وثوبه مشمر، أو كمه أو


(١) (٣/ ٦٠٠).
(٢) شبَّهه بالمكتوف، وهو المشدود اليدين؛ لأنهما لا يقعان على الأرض في السجود. يُنظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (٣/ ٢٧٦)، المفهم (٢/ ٩٥).
(٣) أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب أعضاء السجود، والنهي عن كف الشعر (١/ ٣٥٥) برقم: (٤٩٢).
(٤) يُنظر: إكمال المعلم (٢/ ٤٠٦)، المفهم (٢/ ٩٥)، الفروع (٢/ ٢٧٥).
(٥) يُنظر: التحبير شرح التحرير (٥/ ٢٢٨١)، الأساليب الشرعية الدالة على الأحكام التكليفية (ص: ٣٢٣).
(٦) المجموع (٤/ ٩٨).
(٧) فتح الباري (٧/ ٢٦٩).

<<  <   >  >>