للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثامن عشر:

النهي عن رد السلام في الصلاة

[المطلب الأول: حكم رد السلام في الصلاة]

دليل النهي:

عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لَا غِرَارَ (١) فِي صَلَاةٍ وَلَا تَسْلِيم (٢) (٣).

صورة المسألة:

إذا كان المرء في الصلاة وسُلم عليه: فهل يرُدُّ السلام كلاماً أو إشارةً؟

تحرير محل النزاع:

أولاً: أجمع العلماء (٤) على أن المصلي لا يرد السلام كلاماً؛ للإجماع على أن الكلام عامداً في الصلاة يفسدها.

قال ابن عبد البر -رحمه الله-: «أجمع العلماء على أن مَنْ سُلم عليه وهو يصلي، لا يرد كلاماً، وكذلك أجمعوا على أن مَنْ رد إشارةً أجزأه، ولا شيء عليه» (٥).


(١) الغِرَار: النقصان، وأصله من غرار الناقة، وهو أن ينقص لبنها، يقال: قد غارت الناقة فهي مغار. يُنظر: الصحاح (٢/ ٧٦٨)، غريب الحديث، للقاسم بن سلام (٣/ ١٧٥).
(٢) المراد بغرار الصلاة: أن لا يتم ركوعها وسجودها، وقيل: أراد بالغرار: النوم، أي: ليس في الصلاة نوم، والمراد بغرار التسليم على رواية الجر معطوفاً على الصلاة: أن يقول المجيب: وعليك، ولا يقول: السلام، وعلى رواية النصب يكون معطوفاً على الغرار، والمعنى: لا نقص ولا تسليم في صلاة؛ لأن الكلام في الصلاة بغير كلامها لا يجوز. يُنظر: غريب الحديث، للقاسم بن سلام (٣/ ١٧٥)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٣/ ٣٥٧). والاستدلال بالحديث في المسألة على رواية النصب، وهو تفسير الإمام أحمد -رحمه الله-، قال أبو داود: «قال أحمد: يعني-فيما أُرى- ألا تُسلمَ ولا يُسلَّمَ عليك، ويُغرِّرُ الرجلُ بصلاته فينصرفُ وهو فيها شاكٌّ». سنن أبي داود (٢/ ١٩٠).
(٣) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب رد السلام في الصلاة (٢/ ١٩٠) برقم: (٩٢٨)، وأحمد (١٦/ ٢٧) برقم: (٩٩٣٦)، والحاكم (١/ ٣٩٦) برقم: (٩٢٨) وقال: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه»، وصحح إسناده النووي في (المجموع) (٤/ ١٠٤).
(٤) نقل الإجماع: ابن المنذر في (الإجماع) (ص: ٤٨)، وابن بطال في (شرح صحيح البخاري) (٣/ ٢٠٧)، وابن عبد البر في (التمهيد) (٢١/ ١٠٩).
(٥) التمهيد (٢١/ ١٠٩).

<<  <   >  >>