للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث:

النهي عن الالتفات إلى الشك في الوضوء

[المطلب الأول: حكم الالتفات إلى الشك في الوضوء]

دليل النهي:

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئاً، فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ: أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا؟ فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتاً أَوْ يَجِدَ رِيحاً (١) (٢).

صورة المسألة: الشك في الوضوء له حالان:

الأول: أن يتيقن الحدث، ويشك في الطهارة.

الثاني: أن يتيقن الطهارة، ويشك في الحدث.

تحرير محل النزاع:

أولاً: محل الإجماع:

أجمع العلماء (٣) على أنه إذا تيقن الحدث وشك في الطهارة، فإنه يبني على اليقين (٤)، ولا يلتفت إلى الشك، فيجب عليه الوضوء؛ لأن اليقين لا يزول بالشك (٥)؛


(١) حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً: المراد به أن يعلم ويتحقق، ولا يشترط السماع والشم، وذِكر الريح ليس للتخصيص، وإنما يدخل في معناه كل ما يخرج من السبيلين، قال النووي -رحمه الله- في (المنهاج) (٤/ ٤٩): «وقوله: -صلى الله عليه وسلم- حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً معناه: يعلم وجود أحدهما، ولا يشترط السماع والشم بإجماع المسلمين»، وقال الخطابي في (أعلام الحديث) (١/ ٢٢٧ - ٢٢٨): «لم يرد بذكر هذين النوعين من الحدث تخصيصهما وقصر الحكم عليهما حتى لا يقع نقض الطهارة بغيرهما، وإنما هو جواب خرج على حدود المسألة التي سأل عنها السائل، وقد دخل في معناه كل ما يخرج من السبيلين من غائط وبول ومذي وودي ودم ونحوها».
(٢) أخرجه مسلم، كتاب الحيض، باب الدليل على أن مَنْ تيقن الطهارة ثم شك فِي الحدث فله أن يصلي بطهارته تلك (١/ ٢٧٦) برقم: (٣٦٢).
(٣) نقل الإجماع: الماوردي في (الحاوي) (١/ ٢٠٧)، وابن حزم في (مراتب الإجماع) (ص: ٢٢)، وابن عبد البر في (الاستذكار) (١/ ٥١٥)، والنووي في (المنهاج) (٤/ ٥٠).
(٤) اليقين: في اللغة: العلم وزوالُ الشك. يُنظر: الصحاح (٦/ ٢٢١٩). وعند الفقهاء: «ما أذعنت النفس للتصديق به، وقطعت به، وقطعت بأن قطعها به صحيح، قاله الموفق في مقدمة الروضة، وسمى ما هنا يقيناً بعد ورود الشك عليه استصحاباً للأصل السابق». نقله البهوتي في (شرح منتهى الإرادات) (١/ ٧٥).
(٥) وهي إحدى القواعد الكلية الكبرى، يُنظر: الأشباه والنظائر، للسبكي (١/ ١٣)، الأشباه والنظائر، لابن الملقن (١/ ١٣٥)، القواعد، للحصني (١/ ٢٠٤)، الأشباه والنظائر، للسيوطي (ص: ٧).

<<  <   >  >>