للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معه انكشاف العورة، فإن كانت العورة تنكشف معه، فيحرم؛ وذلك لوجوب ستر العورة.

قال ابن عبد البر -رحمه الله-: «والأصل في ذلك النهي عن كل لبسة ينكشف الرجل فيها حتى يبدو فرجه؛ فإنه لا يحل لأحد كشف فرجه في موضع ينظر إليه آدمي إلا حليلته: امرأته، أو أمته، وهذا أمر مجتمع عليه» (١).

وقال النووي -رحمه الله-: «قال العلماء: فعلى تفسير أهل اللغة: يُكره الاشتمال المذكور؛ لئلا تعرض له حاجة من دفع بعض الهوام ونحوها أو غير ذلك، فيعسر عليه، أو يتعذر فيلحقه الضرر، وعلى تفسير الفقهاء: يحرم الاشتمال المذكور إن انكشف به بعض العورة، وإلا فيُكره» (٢).

[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]

الذي يظهر أن الفقهاء حملوا النهي على الكراهة؛ لقرينة المقصد من النهي.

لأن «النكتة التي تعتمدونها في الفرق بين المكروه والحرام: أنه إذا جاء النهي مقروناً بالوعيد دل على تحريمه، وإذا جاء مطلقاً كان أدباً، إلا أن تقترن به قرينة تدل على أنه مصلحة في البدن أو في المال على الاختصاص بالمرء؛ فإنه يكون مكروهاً على حاله ولا يرتقي إلى التحريم، فإن كان لمصلحة تعم الناس صار حراماً، والدليل على ذلك أن للمرء أن يتحمل الضرر في نفسه إن كان ذلك يسيراً، وليس له أن يلحقه بغيره يسيراً كان أو كثيراً» (٣).

فالنهي عن اشتمال الصماء فيه: الاحتياط لستر العورة في الصلاة، وأن اشتمالها بحيث يسد على يديه ورجليه المنافذ كلها فيه ضرر عليه؛ إذ لا يمكنه دفع ما يعرض له، فكان الأرفق به ترك اشتمال الصماء.

جاء في (طرح التثريب): «قوله في الرواية الثانية أيضا إلا أن يخالف بين طرفيه على عاتقه فإنه يدل على أن المعنى الاحتياط للعورة لئلا تنكشف» (٤).

قال ابن رشد -رحمه الله- في (بداية المجتهد): «فصل: فيما يجزئ في اللباس في الصلاة: أما


(١) الاستذكار (٨/ ٣٤١).
(٢) المنهاج شرح صحيح مسلم (١٤/ ٧٦).
(٣) القبس في شرح موطأ مالك بن أنس (ص: ١١١٠).
(٤) (٦/ ١٠٤).

<<  <   >  >>