للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني:

النهي عن إيطان الرجل المكان في المسجد

[المطلب الأول: حكم إيطان الرجل المكان في المسجد]

دليل النهي:

عن عبد الرحمن بن شبل -رضي الله عنه- (١) قال: ((نَهَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ نَقْرَةِ الْغُرَابِ (٢)، وَافْتِرَاشِ السَّبُعِ (٣)، وَأَنْ يُوطِنُ الرَّجُلُ الْمَكَانَ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا يُوطِنُ الْبَعِيرَ (٤) (٥).

صورة المسألة:


(١) هو: عبد الرحمن بن شبل بن عمرو بن زيد بن نجدة بن مالك بن لوذان الأنصاري الأوسي، أحد نقباء الأنصار، له صحبة، نزل الشام. وأخوه عبد الله بن شبل، له صحبة. يُنظر: أسد الغابة (٣/ ٤٥٥)، الإصابة (٤/ ٢٦٦).
(٢) نقرة الغراب: يريد تخفيف السجود، وأنه لا يمكث فيه إلا قدر وضع الغراب منقاره فيما يريد أكله. يُنظر: معالم السنن (١/ ٢١٢)، الصحاح (٢/ ٨٣٤)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٥/ ١٠٤)، فيض القدير (٦/ ٣٣٩).
(٣) افْتِراش السبع: هو أن يبسط ذراعيه في السجود، ولا يرفعهما عن الأرض، كما يبسط الكلب والذئب ذراعيه. والافتراش: افتعال، من الفرش والفراش. يُنظر: معالم السنن (١/ ٢١٢)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٣/ ٤٢٩)، لسان العرب (٦/ ٣٢٦)، فيض القدير (٦/ ٣٣٩).
(٤) أن يوطن الرجل المكان: في تفسيره وجهان: الأول: أن يألف الرجل مكاناً معلوماً من المسجد مخصوصاً به؛ يصلي فيه، كالبعير لا يأوي من عطنه -مبركه حول الماء- إلا إلى مبرك دَمِث قد أوطنه، واتخذه مناخاً لا يبرك إلا فيه. يُقال: أَوْطَنْتُ الأرضَ، ووَطَّنْتُها تَوْطيناً واسْتَوْطَنْتُها، أي اتَّخذتها وَطَناً ومحلاً. والثاني: أن يبرك على ركبتيه قبل يديه إذا أراد السجود مثل بروك البعير على المكان الذي أوطنه. يُنظر: معالم السنن (١/ ٢١٢)، الصحاح (٦/ ٢٢١٥)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٥/ ٢٠٤)، لسان العرب (١٣/ ٤٥١).
الوجه الثاني لا يصح؛ جاء في مرقاة المفاتيح (٢/ ٧٢٧): «المعنى الثاني لا يصح هنا؛ لأنه لا يمكن أن يكون مشبهاً به، وأيضاً لو كان أُريد هذا المعنى لما اختُص النهي بالمكان في المسجد، فلما ذُكر دل على أن المراد هو الأول». يُنظر: شرح أبي داود، للعيني (٤/ ٦٣)، عون المعبود (٣/ ٧٣).
(٥) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود (٢/ ١٤٧) برقم: (٨٦٢)، والنسائي في السنن الصغرى، كتاب التطبيق، باب النهي عن نقرة الغراب (٢/ ٢١٤) برقم: (١١١٢)، وابن ماجه، أبواب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فِي توطين المكان فِي المسجد يصلى فيه (٢/ ٤٢٧) برقم: (١٤٢٩)، وأحمد (٢٤/ ٤٣٩) برقم: (١٥٦٦٧)، صححه ابن خزيمة (١/ ٣٥٤) برقم: (٦٦٢)، وابن حبان (٤/ ٤٨٤) برقم: (١٦٠٧)، وقال الحاكم في (المستدرك) (١/ ٣٥٢): «هذا حديث صحيح، ولم يخرجاه؛ لما قدمتُ ذِكره من التفرد عن الصحابة بالرواية»، وقال الألباني في (سلسلة الأحاديث الصحيحة) (٣/ ١٥٧): «الحديث فيه تميم بن محمود، … قال ابن حجر: فيه لين، لكن الحديث له شاهد عند أحمد، … فالحديث عندي حسن بمجموع الطريقين».

<<  <   >  >>