للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نُوقش: بأن قوله: (ولا أقول: نهاكم) يريد أن اللفظ في الحديث كان مخصوصاً لا عاماً، ولم يرد خصوص الحكم، فدعوى الخصوص فيه ليس بشيء، لأنه قد وردت أحاديث صحيحة تدل على النهي على العموم من حديث علي وغيره والحجة في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا فيما خالفها (١).

يُمكن أن يُناقش: بأن القاعدة: أن خطابه للواحد خطاب لجميع الأمة (٢).

سبب الخلاف:

الذي يظهر -والله أعلم- أن سبب الخلاف يرجع إلى تعارض ظاهر حديث النهي مع حديث البراء -رضي الله عنه- بأنه -صلى الله عليه وسلم- لبس حلة حمراء. وهو من باب تعارض القول والفعل.

الترجيح:

بعد عرض الأقوال وأدلتها يتبين أن الراجح -والله أعلم- القول بكراهة لبس الرجل الثوب المُعَصْفَر.

أسباب الترجيح:

١ - قوة الأدلة، ولأن فيه الجمع بين الأدلة.

٢ - أن القول بالإباحة مطلقاً يُشكل مع ورود النهي، والقول بخصوص النهي بعلي -رضي الله عنه-: فيه بُعد؛ إذ خطابه للواحد خطاب للأمة.

[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]

أولاً: القرينة الصارفة في مسألة: لبس المُزَعْفَر.

تبين فيما سبق أن أصحاب القول الأول حملوا النهي عن لبس المُزَعْفَر على الكراهة، والذي يظهر من كلام أهل العلم أن الصارف له عن التحريم القرائن التالية:

القرينة الأولى: ورود النص، وفيه فِعل النبي -صلى الله عليه وسلم- للمنهي عنه.

القرينة الثانية: فِعل الصحابة -رضي الله عنهم- للمنهي عنه.

وذلك ما ورد في أدلة الجواز التي نصت على أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يصبغ ثيابه بالزَّعْفَران، وأن ابن عمر كان يفعله متابعةً لسنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-.


(١) يُنظر: التمهيد (١٦/ ١٢١)، حاشية السندي على سنن ابن ماجه (٢/ ٣٧٧).
(٢) يُنظر: البحر المحيط (٤/ ٢٣٤)، من أصول الفقه على منهج أهل الحديث (ص: ١٤٠).

<<  <   >  >>