للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث:

النهي عن تتبع المساجد

المطلب الأول: حكم تتبع المساجد (١):

دليل النهي:

عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ فِي مَسْجِدِهِ، وَلَا يَتَتَبَّعِ الْمَسَاجِدَ)) (٢).

صورة المسألة:

إذا قصد المسلم مسجداً، ففاتته الصلاة، فهل له أن يتبع المساجد طلباً للجماعة، أو عليه أن يصلي في المسجد الذي قصده أولاً؟

تحرير محل النزاع:

أولاً: محل الاتفاق:


(١) تتبع المساجد: جاء في (الصحاح) (٣/ ١١٩٠): تَتَبَّعْتُ الشيء تتبعا، أي تطلبته متتبعا له. ويُراد بتتبع المساجد: أن الرجل إذا فاتته الجماعة في مسجده، أتى مسجداً آخر طلباً للجماعة، ولم أقف على تفسير لتتبُّع المساجد عند الفقهاء، والذي ذكرتُه هو ما وقفتُ عليه من فهم السلف لمعنى التتبع؛ حيث أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (٢/ ٢١) برقم: (٥٩٩٣): عن مجاهد، قال: «إذا فاتتك الصلاة في مسجدك فلا تتبع المساجد، صلِّ في مسجدك»، وذكر هذا المعنى كلاً من: ابن بطال وابن حجر -رحمهما الله-؛ فأما ابن بطال: فقد فسر به خبر الأسود بن يزيد الذي أورده البخاري معلقاً في صحيحه: باب فضل صلاة الجماعة: «وكان الأسود إذا فاتته الجماعة ذهب إلى مسجد آخر»، فسره بتتبع المساجد، وأما ابن حجر: فقد نقل خبر الأسود، وذكر فيه التتبع، قال: «عن إبراهيم قال: كَانَ الأسود بن يزِيد إِذا فَاتَتْهُ الْجَمَاعَة فِي مَسْجِد قومه علق النَّعْلَيْنِ بيدَيْهِ، وتتبع الْمَسَاجِد حَتَّى يُصِيب جمَاعَة». يُنظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال (٢/ ٢٧٧)، تغليق التعليق (٢/ ٢٧٦).
(٢) أخرجه الطبراني في الكبير (١٢/ ٣٧٠) برقم: (١٣٣٧٣)، وفي الأوسط (٥/ ٢٣٢) برقم: (٥١٧٦) وقال: «لم يروِ هذا الحديث عن زهير إلا عبادة بن زياد»، قال الهيثمي في (مجمع الزوائد) (٢/ ٢٤): «رجاله موثَّقون إلا شيخ الطبراني محمد بن أحمد بن النضر الترمذي، ولم أجد مَنْ ترجم له، قلت: ذكر ابن حبان في الثقات في الطبقة الرابعة محمد بن أحمد بن النضر ابن ابنة معاوية بن عمرو، فلا أدري: هو هذا أم لا؟».
قال ابن الخراط في (الأحكام الوسطى) (١/ ٢٧٥) بعد أن أورد الحديث من رواية ابْن عَدِيّ: «هكذا رواه كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدِ وابْنُ مُصَفَّى، كلاهما عن بَقِيَّة، عن مُجَاشِعِ عن عبيد الله، وغيرهما جعل بين مُجَاشِعِ وعبيد الله منصور بن أبي الأسود، ولا أعلم ما قيل في مجاشع إلا صالح الحديث، وأما بَقِيَّة: فلا يُحتج به، وأحسن حديثه ما كان عنه عن بحير بن سعد»، وجاء في (لسان الميزان) لابن حجر (٥/ ١٥) في ترجمة مجاشع: «قال ابن معين: أحد الكذابين … وقال البخاري: منكر مجهول».

<<  <   >  >>