للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]

الذي يظهر من كلام أهل العلم أن الصارف للنهي عن التحريم قرينة: المقصد من النهي.

إن من الأمور المتقررة في الشريعة النهي عن مشابهة الحيوانات على العموم؛ لعموم الأدلة على تكريم بني آدم؛ ولأنه لم يشّبه بالحيوان إلا على سبيل الذم والتنفير، فإذا نُهي عن التشبه في كل حال ففي الصلاة التي هي أجلّ العبادات أَوْلى.

وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- المصلي عن مشابهة البعير في بروكه؛ وذلك تعظيماً وتكريماً للإنسان وإرشاداً إلى آداب الصلاة والوقوف بين يدي الملك -جل جلاله- بأحسن هيئة، وتنزيهاً للصلاة عن الهيئة القبيحة، فلا يليق مع عظمة الموقف أن يأتي فيه بمشابهة الحيوانات؛ لما فيها من القبح والنقص.

قال ابن القيم -رحمه الله-: «نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة عن التشبه بالحيوانات: فنهى عن بروك كبروك البعير، والتفات كالتفات الثعلب، وافتراش كافتراش السبع، وإِقْعاء كإقعاء الكلب، ونقر كنقر الغراب، ورفع الأيدي وقت السلام كأذناب الخيل الشمس، فهدْيُ المصلي مخالف لهدْي الحيوانات» (١).

وقال الخطابي -رحمه الله-: «ذهب أكثر العلماء إلى وضع الركبتين قبل اليدين، وهذا أرفق بالمصلي، وأحسن في الشكل وفي رأي العين» (٢).

الحكم على القرينة:

الذي يظهر أن قرينة المقصد من النهي قوية ومعتبرة؛ إذ تكريم بني الإنسان من مقاصد الشريعة الإسلامية؛ فإن الأفضل والأحسن صورة في هيئة الصلاة ألا يشابه المصلي الحيوانات، والله تعالى أعلم.


(١) زاد المعاد (١/ ٢١٧).
(٢) معالم السنن (١/ ٢٠٨).

<<  <   >  >>