للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: إنما أُريد بذلك إحدى هيئات الصلاة المنهي عنها» (١).

الترجيح:

بعد عرض الأقوال وأدلتها يتبين أن الراجح -والله أعلم- القول الأول القائل بأنه يُستحب الجلوس بين السجدتين: بأن يضع أليتيه على عقبيه قاعداً عليها، وأنها سنة، وليس هو الإقعاء المنهي عنه، والأفضل في الجلوس الافتراش؛ لمواظبته -صلى الله عليه وسلم- عليها.

أسباب الترجيح:

١ - قوة أدلة هذا القول، وسلامتها من المعارضة الصحيحة.

٢ - أن النهي محمول على المعنى الأول؛ لأن الصواب أن تُفسر الأسماء على المعنى اللغوي ما لم يرد لها وضع في الشرع.

٣ - ضعف أدلة القائلين بالكراهة على هذا المعنى، وورود المناقشة عليها.

٤ - أن فيه الجمع بين الأدلة الصحيحة الثابتة، والجمع -إن أمكن- أَولى من النسخ.

[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]

تبيَّن فيما سبق أن الفقهاء اتفقوا على كراهة الإقعاء كإقعاء الكلب، الذي فسره أهل اللغة، والذي يظهر من كلام أهل العلم أن الصارف للنهي عن التحريم القرائن التالية:

القرينة الأولى: المقصد من النهي.

فالمقصد من النهي تكريم الإنسان عن مشابهة الحيوان، وكذلك يُقصد منه التنفير من هذه الهيئة التي لا تناسب الصلاة؛ فإن التشبيه بالأشياء الخسيسة مما يناسب تركُه محافظةً على الهيئة المشروعة في الصلاة، والله أعلم.

وذلك في قوله: (وَإِقْعَاءٍ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ) وقوله: (وَإِقْعَاءٍ كَإِقْعَاءِ الْقِرْدِ).

أشار إلى هذا المقصد ابن دقيق العيد -رحمه الله- عند شرح حديث الافتراش (٢)، وسبق نقل كلامه في مبحث النهي عن الافتراش.

القرينة الثانية: ورود النهي في باب الأدب والإرشاد.


(١) بداية المجتهد (١/ ١٤٩)، ويُنظر: المجموع (٣/ ٤٣٩).
(٢) إحكام الأحكام (١/ ٢٥٦).

<<  <   >  >>