للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شرعي، بخلاف الأمر في الأسماء التي تثبت لها معانٍ شرعية (١).

الدليل السادس: قال أبو حميد الساعدي -رضي الله عنه- (٢): أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ اليُسْرَى، وَنَصَبَ اليُمْنَى، وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ اليُسْرَى، وَنَصَبَ الأُخْرَى وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ)) (٣).

وجه الاستدلال: أن الثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في جلسات الصلاة التي واظب عليها هما صفتا: الافتراش والتورك، لا الإقعاء، وهو الذي نقله أكثر الصحابة.

أجيب عن الاستدلال:

بأنه لا تعارض بين الأحاديث، ويمكن الجمع بين الأحاديث بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت له في الصلاة أحوال: حال يفعل فيها هذا، وحال يفعل فيها ذاك كما كانت له أحوال في تطويل القراءة وتخفيفها وغير ذلك.

وكان يفعل العبادة على نوعين أو أنواع؛ ليبين الرخصة والجواز بمرة أو مرات قليلة، ويواظب على الأفضل بينهما على أنه المختار والأَولى.

فالحاصل أن الإقعاء الذي رواه ابن عباس فعله النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفعل -صلى الله عليه وسلم- ما رواه أبو حميد من جهة الافتراش، فكلاهما سنة، ومواظبته -صلى الله عليه وسلم- على الافتراش يدل على أنها أفضل وأرجح مع أن الإقعاء سنة أيضاً (٤).

سبب الخلاف:

«سبب اختلافهم: هو تردد اسم الإقعاء المنهي عنه في الصلاة بين أن يدل على المعنى اللغوي أو يدل على معنى شرعي: (أعني: على هيئة خصها الشرع بهذا الاسم): فمَن رأى أنه يدل على المعنى اللغوي قال: هو إقعاء الكلب، ومَن رأى أنه يدل على معنى شرعي


(١) يُنظر: بداية المجتهد (١/ ١٤٩).
(٢) هو: عبد الرحمن بن عمرو بن سعد، وقيل: المنذر بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن الخزرج، الأنصاري، المدني، من فقهاء أصحاب النبي، روى عنه من الصحابة: جابر بن عبد الله، ومن التابعين: عروة ابن الزبير، وعباس بن سهل، ومحمد بن عمرو بن عطاء، وخارجة بن زيد بن ثابت، وغيرهم، تُوفي سنة ٦٠ هـ. يُنظر: أسد الغابة (٦/ ٧٥)، سير أعلام النبلاء (٤/ ٩٨).
(٣) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب سنة الجلوس في التشهد (١/ ١٦٥) برقم: (٨٢٨).
(٤) يُنظر: المجموع (٣/ ٤٣٩).

<<  <   >  >>