للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - أن خطاب النهي صريح في المنع من القيام قبل رؤية الإمام.

٢ - أن فيه الرفق بالمأمومين؛ لئلا يشق عليهم الانتظار قياماً إن تأخر الإمام لعذر.

[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]

تبين فيما سبق أن الجمهور حملوا النهي على الكراهة لا التحريم، والذي يظهر من كلام أهل العلم أن الصارف للنهي القرائن التالية:

القرينة الأولى: ورود النص وفيه بيان الجواز.

جاءت القرينة النصية في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-؛ حيث ذكر فيها قيام المأمومين قبل رؤيتهم الإمام، وأنهم سووا صفوفهم، ثم خرج إمامهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَسَوَّى النَّاسُ صُفُوفَهُمْ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَتَقَدَّمَ وَهُوَ جُنُبٌ، ثُمَّ قَالَ: عَلَى مَكَانِكُمْ، فَرَجَعَ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ خَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً، فَصَلَّى بِهِمْ)) (١).

أشار العلماء إلى أن انتظارهم للإمام قياماً، لعله كان مرة أو مرتين؛ لبيان الجواز (٢)، وذلك يفيد عدم التحريم، ولا يمنع الكراهة.

القرينة الثانية: المقصد من النهي.

مقصود النهي: الرفق بالمأموم؛ لاحتمال أن يقع للإمام شغل يبطاء فيه عن الخروج، فيشق عليهم انتظاره، فنهاهم عن ذلك (٣).

قال ابن بطال -رحمه الله-: «يحتمل أن يكون حديث أبي قتادة على غير الإيجاب والحتم، بل على وجه الرفق بهم؛ لئلا ينتظروه قياماً» (٤).

وقال النووي -رحمه الله-: «قال العلماء: والنهي عن القيام قبل أن يروه؛ لئلا يطول عليهم القيام، ولأنه قد يعرض له عارض فيتأخر بسببه» (٥).

وذكر المناوي -رحمه الله- في (فيض القدير): أن النهي في قوله: (فَلَا تَقُومُوا) للندب، إشارة


(١) سبق تخريجه: ص (٣٨٨).
(٢) يُنظر: المنهاج شرح صحيح مسلم (٥/ ١٠٣)، التوضيح لشرح الجامع الصحيح (٤/ ٦٠٧)، فتح الباري، لابن حجر (٢/ ١٢٠).
(٣) يُنظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح (٤/ ٦٠٧)، فتح الباري، لابن حجر (٢/ ١٢٠).
(٤) شرح صحيح البخاري (٢/ ٢٦٦).
(٥) المنهاج شرح صحيح مسلم (٥/ ١٠٣).

<<  <   >  >>