للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن عبد البر -رحمه الله- (١): «النهي محمول على الحظر والتحريم والمنع حتى يصحبه دليل من فَحْوى القصة والخطاب أو دليل من غير ذلك يخرجه من هذا الباب إلى باب الإرشاد والندب» (٢).

[الثامن: المقصد من النهي]

استعمل الفقهاء وغيرهم النظر في مقصد الشارع من النهي في صرفه عن التحريم، وذلك لأن النهي الوارد في النص الشرعي قد يكون المقصد منه حمل الناس على مكارم الأخلاق ومحاسنها، أو حثهم على ما فيه رشدهم والأصلح لهم، كذا قد يكون مغزاه الرفق بهم ورحمتهم وإعلامهم بما هو أيسر عليهم.

جاء في (الموافقات): «الأوامر والنواهي من جهة اللفظ على تساوٍ في دلالة الاقتضاء، والتفرقة بين ما هو منها أمر وجوب أو ندب وما هو نهي تحريم أو كراهة لا تُعلم من النصوص، وإن عُلم منها بعض فالأكثر منها غير معلوم، وما حصل لنا الفرق بينها إلا باتباع المعاني والنظر إلى المصالح» (٣).

قال القرافي -رحمه الله-: «القاعدة أن: الوسائل تبع للمقاصد ودونها في الرتبة: فوسيلة الواجب واجبة ودونه في الوجوب، ووسيلة المندوب مندوبة ودونه في الندب، ووسيلة المباح مباحة غير أنها لا يمكن أن تكون أدنى منه؛ لتعذر ذلك في المباح؛ لضرورة الاستواء» (٤).

[التاسع: الأصول والقواعد الشرعية العامة]

من القرائن الصارفة للنهي عن التحريم أن تقتضي الأصول والقواعد الشرعية


(١) هو: يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي المالكي، كنيته أبو عمر، وشهرته ابن عبد البر، وُلد بقرطبة سنة ٣٦٨ هـ، كان من كبار حفاظ الحديث، قال ابن خلّكان: «إمام عصره في الحديث والأثر وما يتعلق بهما»، من مؤلفاته: «التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد»، «الاستذكار»، «الكافي في الفقه»، «الدرر في اختصار المغازي والسير»، «العقل والعقلاء»، «الاستيعاب»، تُوفي سنة ٤٥٨ هـ. يُنظر: وفيات الأعيان (٧/ ٦٦)، الديباج المذهب (٢/ ٣٦٧)، شذرات الذهب (٥/ ٢٦٧).
(٢) التمهيد (٣/ ٢١٥).
(٣) (٣/ ٤١٩).
(٤) نفائس الأصول (٣/ ١٢٦١).

<<  <   >  >>