وتعريف الفقهاء قريب من تعريف أهل اللغة، فالزُّنَّار عند الفقهاء: هو خيط غليظ فيه ألوان يشد به الذمي وسطه فوق الثياب؛ ليتميز به عن المسلم، وتشده المرأة والخنثى تحت الإزار بحيث يظهر بعضه، ويُمنع أن يُستبدل بشد المناطق والمنديل. يُنظر: الحاوي الكبير (١٤/ ٣٢٦)، نهاية المحتاج (٨/ ١٠٣)، حاشية الدسوقي (٤/ ٣٠١). وشد الوسط بالزنار من الشروط المشروطة على أهل الذمة من النصارى وغيرهم، والأصل فيه: كتاب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى أمراء الأجناد، فأُلزم به الذمي؛ ليتميز به عن المسلم، فكانت علامة على ذله. قال ابن تيمية -رحمه الله- بعد إيراده لهذه الشروط في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم) (١/ ٣٦٥): «وهذه الشروط أشهر شيء في كتب الفقه والعلم، وهي مُجمع عليها -في الجملة- بين العلماء من الأئمة المتبوعين وأصحابهم وسائر الأئمة»، وجاء في (حاشية الروض المربع) (١/ ٥١٤): «شد الزُّنَّار كان محكوماً به على الذميين، فكانوا يشدون أوساطهم بخيط دقيق، وفيه المثل: الذمي إذا عطس ينقطع زناره، أي: لدقته ولضغط أحشائه»، وللاستزادة يُنظر: الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١٧٧)، المجموع (١٩/ ٤٠٩)، أحكام أهل الذمة (١/ ٤٩٢). (٢) لا أكف شعراً ولا ثوباً: قيل: يُحتمل أن يكون بمعنى المنع: أي: لا أمنعهما من الاسترسال حال السجود؛ ليقعا على الأرض، وقيل: يُحتمل أن يكون بمعنى الجمع: أي: لا يجمعهما ويضمهما. يُنظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (٤/ ١٩٠)، التوضيح لشرح الجامع الصحيح (٧/ ٢٣٢)، وذهب الشافعية والمالكية إلى أن شد الوسط والاحتزام من كف الثوب: فمن ذلك ما جاء في (أسنى المطالب) (١/ ١٦٣): «قوله: لا أكف: أي: لا أضمهما، فمن ذلك أن يعقص شعره، أو يرده تحت عمامته، أو يشمر ثوبه أو كمه، أو يشد وسطه، أو يغرز عذبته». ويُنظر: الجامع لمسائل المدونة (٢/ ٦١٧)، تحفة المحتاج (٢/ ١٦٢). وستأتي مسألة كف الثوب والشعر في الفصل الخامس من هذا الباب. (٣) أخرجه البخاري كتاب الأذان، باب لا يكف ثوبه في الصلاة (١/ ١٦٣) برقم: (٨١٦)، ومسلم، كتاب الصلاة، باب أعضاء السجود، والنهي عن كف الشعر والثوب … (١/ ٣٥٤) برقم: (٤٩٠).