للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]

القرينة الأولى: المقصد من النهي.

الذي يظهر من كلام أهل العلم أن أحاديث النهي في هذه المسألة المقصود منها بيان: حكم تعارض اليقين والشك في الوضوء، وهل يجب الوضوء بسبب الشك أو لا؟

ولذلك لم يتعرض الفقهاء للنهي من حيث اقتضائه التحريم أو هو مصروف عنه، وإنما بيَّنوا أن النهي أفاد نفي وجوب الوضوء بالشك في خروج الريح.

القرينة الثانية: ورود النهي في جواب سؤال.

فقوله -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتاً أَوْ يَجِدَ رِيحاً) في جواب السؤال، قرينة صارفة للنهي بحسب قصْد السائل بسؤاله.

فقصْد السائل هو معرفة ما إذا كان الشك في الحدث يوجب الوضوء أو لا؟ فيكون معنى الجواب: لا يوجب الوضوء، والله أعلم.

جاء في (الغيث الهامع): «أما النهي بعد الاستئذان: فهو مرتب على ما فُهم من السؤال من إيجاب وندب وإرشاد وإباحة؛ لأن أصله الاستفهام عن الخبر وجوابه أيضاً خبر، … ومن أمثلته: حديث: سُئل عن لحوم الغنم فقال: (لا توضؤوا منها)، والظاهر أن السؤال فيه عن الوجوب، فيكون معنى الجواب: لا يجب الوضوء منها، والله أعلم» (١).

الحكم على القرينة:

الذي يظهر أن هذه القرائن معتبَرة؛ لقوة دلالتها على نفي وجوب الوضوء إن تيقن الطهارة وشك في الحدث، والله أعلم.


(١) الغيث الهامع شرح جمع الجوامع (ص: ٢٤٦).

<<  <   >  >>