للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ، وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ)) (١).

الدليل الرابع: عن عبد الله بن الأرقم -رضي الله عنه- (٢) قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَوَجَدَ أَحَدُكُمُ الخَلَاءَ، فَلْيَبْدَأْ بِالخَلَاءِ)) (٣).

وجه الاستدلال: أن في هذه الأحاديث نهياً عن الصلاة مع مدافعة الأخبثين أو بحضرة الطعام الذي يريد أكله، وفيها أمر بالبدء بالطعام أو الخلاء قبل الصلاة ندباً؛ لما فيه من: اشتغال القلب به، وذهاب كمال الخشوع، والنهي محمول على الكراهة عند عامة العلماء (٤).

[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]

الذي يظهر من كلام أهل العلم أن الصارف للنهي عن التحريم قرينة:

الإجماع.

فإجماع العلماء الذي نقله أهل العلم، قرينة على أن النهي ليس على بابه، وأنه مصروف عن التحريم إلى الكراهة، وأنه إن صلى في هذه الحالة صحت صلاته.

الحكم على القرينة:

قرينة الإجماع قرينة قوية معتبرة؛ لأن الإجماع لا يمكن أن يقع مخالفاً لمقتضى النص الشرعي. فالنهي محمول على الكراهة، والله أعلم.


(١) سبق تخريجه: ص (٣٨٤).
(٢) هو: عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث القرشي الزهري، أسلم عام الفتح، وكتب للنبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم لأبي بكر -رضي الله عنه-، واستكتبه أيضاً عمر -رضي الله عنه-، واستُعمل على بيت المال خلافة عمر كلها وسنتين من خلافة عثمان -رضي الله عنه-، حتى استعفاه من ذلك فأعفاه، وقد روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعنه: عبد الله بن عتبة بن مسعود، وأسلم مولى عمر، ويزيد بن قتادة، وعروة. تُوفي في خلافة عثمان -رضي الله عنه-. يُنظر: الاستيعاب (٣/ ٨٦٥)، الإصابة (٤/ ٤).
(٣) أخرجه أبو داود، كتاب الطهارة، باب أيصلي الرجل وهو حاقن؟ (١/ ٦٤) برقم: (٨٨)، والترمذي، أبواب الطهارة، باب ما جاء إذا أُقيمت الصلاة ووجد أحدكم الخلاء فليبدأ بالخلاء (١/ ٢٦٢) برقم: (١٤٢)، وقال: «حديث حسن صحيح». وصححه ابن خزيمة (٢/ ٧٩٧) برقم: (١٦٥٢).
(٤) يُنظر: المغني (١/ ٤٥٠)، المنهاج شرح صحيح مسلم (٥/ ٤٦)، البناية (٢/ ٤٤٧).

<<  <   >  >>