بعد عرض الأقوال وأدلتها يتبين أن الراجح -والله أعلم- القول الأول القائل بجواز أخْذ الأجرة على الأذان، والله أعلم.
أسباب الترجيح:
١ - قوة الأدلة التي أفادت الجواز.
٢ - أنه من باب التعاون على البر والتقوى، والمحافظة على إقامة شعائر الإسلام.
[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]
الذي يظهر أن القرائن الصارفة التي استدل بها القائلون بالجواز وأن النهي يُحمل على الندب والورع وليس التحريم، هي أدلة الجواز:
القرينة الأولى: ورود النص، وفيها فِعَل النبي -صلى الله عليه وسلم- خلاف النهي.
وذلك ما جاء في حديث أبي محذورة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما علَّمه الأذان واتخذه مؤذناً، أعطاه صرَّة فيها شيء من فضة، فكان كالأجرة.
القرينة الثانية: ورود النص بحكاية إقرار النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وهو ما جاء في حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقرَّ الصحابة على أخْذ الأجرة على الرُّقية، وصوَّبهم عليها، ويؤيده حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، وسماه النبي -صلى الله عليه وسلم- أجراً، فاستدل بهما على جواز أخْذ الأجرة على القُرَب ذات النفع المتعدي، ومنها: الأذان.
الحكم على القرينة:
الذي يظهر أن هذه القرائن قوية معتبرة؛ لقوتها في أصلها؛ فهي قرائن نصية صحيحة تفيد الجواز، والله تعالى أعلم بالصواب.