للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث السابع:

النهي عن التثاؤب

[المطلب الأول: حكم التثاؤب]

دليل النهي:

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ العُطَاسَ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ (١)، فَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ، فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ، وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ: فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَرُدَّهُ (٢) مَا اسْتَطَاعَ، فَإِذَا قَالَ: هَا، ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ)) (٣).

وفي رواية: ((وَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْدُدْهُ مَا اسْتَطَاعَ، وَلَا يَقُلْ: آهْ آهْ؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا فَتَحَ فَاهُ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَضْحَكُ مِنْهُ)) (٤).

حكم المسألة:

اتفق الفقهاء (٥) على كراهة التثاؤب مطلقاً، وأنه يُستحب ردّه ما استطاع.


(١) قال الخطّابي في (معالم السنن) (٤/ ١٤١): «المعنى: أن العطاس إنما يكون مع انفتاح المسام وخفة البدن وتيسير الحركات، وسبب هذه الأمور تخفيف الغذاء والإقلال من المطعم والاجتزاء باليسير منه، والتثاؤب إنما يكون مع ثقل البدن وامتلائه وعند استرخائه للنوم وميله إلى الكسل، فصار العطاس محموداً؛ لأنه يعين على الطاعات، والتثاؤب مذموماً؛ لأنه يثبطه عن الخيرات وقضاء الواجبات»، وقال ابن بطّال في (شرح صحيح البخاري) (٩/ ٣٧٠): «معنى إضافة التثاؤب إلى الشيطان إضافة رضا وإرادة، أي أن الشيطان يحب أن يرى تثاؤب الانسان؛ لأنها حال المثلة وتغييرٌ لصورته، فيضحك من جوفه، لا أن الشيطان يفعل التثاؤب في الإنسان؛ لأنه لا خالق للخير والشر غير الله، وكذلك كل ما جاء من الأفعال المنسوبة إلى الشيطان فإنها على معنيين: إما إضافة رضا وإرادة، أو إضافة بمعنى الوسوسة في الصدر والتزيين».
(٢) فَلْيَرُدَّه: أي: يأخذ في أسباب رده، وليس المراد به أنه يملك دفعه؛ لأن الذي وقع لا يرد حقيقةً. فتح الباري، لابن حجر (١٠/ ٦١٢).
(٣) أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب ما يُستحب من العطاس وما يُكره من التثاؤب (٨/ ٤٩) برقم: (٦٢٢٣)، وأخرجه مسلم مختصراً، كتاب الزهد والرقائق، باب تشميت العاطس، وكراهة التثاؤب (٤/ ٢٢٩٣) برقم: (٢٩٩٥).
(٤) أخرجه أحمد (١٥/ ٣٢٦) برقم: (٩٥٣١).
(٥) يُنظر: حاشية الطحطاوي (ص: ٣٥٤)، حاشية ابن عابدين (١/ ٦٤٥)، التفريع (٢/ ٤١٧)، المجموع (٤/ ١٠٠)، مغني المحتاج (١/ ٤٢٢)، الآداب الشرعية (٢/ ٣٤٧)، كشاف القناع (١/ ٣٧٣).

<<  <   >  >>