للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأنه يمنع من إتمام القراءة أو إكمال السجود (١).

الدليل الثالث: أنه زي المجوس، فيُكره التشبه بهم (٢).

قال ابن تيمية -رحمه الله-: «يكره التلثم على الفم؛ لما روى عن أبي هريرة -رضي الله عنه- … ولأنه تشبه بفعل المجوس في عبادة النيران، ويخاف معه من ترك تجويد القراءة والذكر والدعاء لا سيما والملك يضع فاه على فيه» (٣).

[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]

الذي يظهر من كلام أهل العلم أن النهي محمول على الكراهة؛ لقرينة ورود النهي في باب الأدب والإرشاد.

وذلك أن النهي فيه الإرشاد إلى التأدب حال الوقوف بين يدي الله سبحانه، والتنزيه عن مشابهة المجوس.

قال النووي -رحمه الله-: «هذه كراهة تنزيه، لا تمنع صحة الصلاة» (٤).

وقد تنوعت أقوال العلماء في ذكر العلة من النهي عن تغطية الفم، ومن ذلك: أن التلثُّم كانت عادة للعرب فنهوا عنه، ومنها: أنه زي المجوس، وقيل: لأن التلثُّم يمنع تحقيق الحروف.

قال ابن تيمية -رحمه الله-: «يُكره للمصلي تغطية الوجه سواءً كان رجلاً أم امرأة، فيُكره النقاب والبرقع للمرأة في الصلاة؛ لأن مباشرة المصلي بالجبهة والأنف: إما واجب أو مؤكد الاستحباب، ولأن الرجل إذا قام إلى الصلاة فإن الله تعالى قبل وجهه وأن الرحمة تواجهه فينبغي له أن يباشر ذلك بوجهه من غير وقاية، وقد كره له تغميض العين؛ فتغطية الوجه أولى» (٥).

وقال المناوي -رحمه الله-: «نهى أن يغطى الرجل فاه؛ لأنه من فِعل الجاهلية كانوا يتلثمون بالعمائم، فيغطون أفواههم، فنهوا عنه؛ لأنه ربما منع من إتمام القراءة أو إكمال


(١) يُنظر: المفاتيح في شرح المصابيح (٢/ ٩٥)، شرح المشكاة، للطيبي (٣/ ٩٦٧).
(٢) يُنظر: البناية (٢/ ٤٤٦)، شرح منتهى الإرادات (١/ ١٥٦).
(٣) شرح العمدة - كتاب الصلاة (ص: ٣٥٨).
(٤) المجموع (٣/ ١٧٩).
(٥) شرح العمدة - كتاب الصلاة (ص: ٣٥٧).

<<  <   >  >>