للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الأول: الإجماع]

إذا ورد نهيٌ في نص شرعي، ثم أجمعت الأمة على حَمْله على الكراهة والتنزيه، كان الإجماع قرينة صارفة له عن ظاهره، وذلك لأن الإجماع لا يمكن أن يقع مخالفاً لمقتضى النص الشرعي؛ لأنه قائم على مستند من القرآن أو السنة؛ فالعمل بالإجماع هو عمل بالنص والإجماع، والعمل بالدليلين والجمع بينهما أولى من إلغاء أحدهما (١).

قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: «ولا نفرق بين نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا بدلالة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو أمر لم يختلف فيه المسلمون» (٢).

مثاله: مسألة النهي عن القزع؛ فقد حمل الفقهاء النهي على الكراهة بالإجماع.

قال النووي -رحمه الله-: «أجمع العلماء على كراهة القزع إذا كان في مواضع متفرقة إلا أن يكون لمداواة ونحوها، وهي كراهة تنزيه» (٣).

[الثاني: القرينة اللفظية في النص نفسه أو في نص آخر]

بأن يَرِد نهي في نص شرعي ظاهره التحريم، وتأتي في النص نفسه قرينة لفظية تدل على عدم إرادة التحريم من النهي، فيكون ذلك قرينة صارفة للنهي عن التحريم إلى الكراهة.

أو يَرِد نصان: أحدهما فيه نهي ظاهره التحريم، والآخر يقتضي حمل النهي على الكراهة والتنزيه، فيُصرف عن ظاهره إلى الكراهة عملاً بالنصين.

قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: «ولا نفرق بين نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا بدلالة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-» (٤).

مثاله: حديث النهي عن البول في المغتسل فقد نص فيه على أنه يورث الوسواس، جاء في (نيل الأوطار): «رَبْطُ النهي بعلة إفضاء المنهي عنه إلى الوسوسة يصلح قرينة لصرف النهي عن التحريم إلى الكراهة» (٥).


(١) يُنظر: البحر المحيط (٦/ ٣٩٨)، إرشاد الفحول (١/ ٢١٠)، القرائن عند الأصوليين (ص: ٧٢٦).
(٢) الأم (٧/ ٣٠٥).
(٣) المنهاج شرح صحيح مسلم (١٤/ ١٠١).
(٤) المصدر نفسه.
(٥) (١/ ١١٤).

<<  <   >  >>