للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الخامس:

النهي عن الاستلقاء في المسجد ووضْع إحدى الرجلين على الأخرى

[المطلب الأول: حكم الاستلقاء في المسجد ووضع إحدى الرجلين على الأخرى]

دليل النهي:

عن جابر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لَا يَسْتَلْقِيَنَّ أَحَدُكُمْ، ثُمَّ يَضَعُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى)) (١)، وفي رواية: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ (٢)، … وأَنْ يَرْفَعَ الرَّجُلُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى وَهُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ)) (٣).

صورة المسألة:

لو بدا للمسلم أن يستلقي وهو في المسجد، ويجعل إحدى رجليه على الأخرى، فهل يجوز له ذلك؟ وما الحكم إذا خِيف انكشاف العورة؟

تحرير محل النزاع:

اتفق الفقهاء (٤) على جواز الاستلقاء ووضع إحدى الرجلين على الأخرى.

وقد جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه استلقى في المسجد في حديث عبد الله بن زيد -رضي الله عنه-: ((أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مُسْتَلْقِياً فِي الْمَسْجِدِ، وَاضِعاً إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى)) (٥).

فاختلف الفقهاء في مسلك الجمع بين حديث النهي عنه وفِعل النبي -صلى الله عليه وسلم- له، على قولين:


(١) أخرجه مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب فِي منع الاستلقاء على الظهر ووضع إحدى الرجلين على الأخرى (٣/ ١٦٦١) برقم: (٢٠٩٩).
(٢) اشتمال الصَّمَّاء: اشتمل بثوبه: أي: تلفف به، وهو أن يجلل جسده بالثوب أو بالإزار، ولا يرفع منه جانباً فيكون فيه فرجة تخرج منها يده. يُنظر: الصحاح (٥/ ١٧٤١)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٣/ ٥٤)، لسان العرب (١١/ ٣٦٨). وسيأتي تفسيرها موسعاً في مبحث النهي عن اشتمال الصَّمَّاء.
(٣) أخرجه مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب فِي منع الاستلقاء على الظهر ووضع إحدى الرجلين على الأخرى (٣/ ١٦٦١) برقم: (٢٠٩٩).
(٤) يُنظر: شرح معاني الآثار (٤/ ٢٧٩)، التمهيد (٩/ ٢٠٥)، (٣/ ٢٢٤)، المجموع (٢/ ١٧٦)، كشاف القناع (٢/ ٣٧١). ولم أقف على المسألة في كتب الفقه (للحنفية والمالكية) حسب ما تيسر لي من كتب.
(٥) أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب الاستلقاء في المسجد ومدِّ الرِّجل (١/ ١٠٢) برقم: (٤٧٥)، ومسلم، كتاب اللباس والزينة، باب فِي إباحة الاستلقاء ووضع إحدى الرجلين على الْأخرى (٣/ ١٦٦٢) برقم: (٢١٠٠).

<<  <   >  >>