للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الترمذي -رحمه الله-: «العمل على هذا عند أهل العلم: كرهوا الاستنجاء باليمين» (١).

[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]

الذي يظهر من كلام أهل العلم أن الصارف للنهي عن التحريم، القرائن التالية:

القرينة الأولى: المقصد من النهي.

ذلك أن الحكمة من النهي عن الاستنجاء باليمين: إكرام اليمين وتشريفها وصيانتها عن كل قذر.

وأكثر العلماء متفقون على هذا المعنى: فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ((كَانَتْ يَدُ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- الْيُمْنَى لِطُهُورِهِ وَطَعَامِهِ، وَكَانَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى لِخَلَائِهِ، وَمَا كَانَ مِنْ أَذًى)) (٢).

قال النووي -رحمه الله-: «إن في النهي عن الاستنجاء باليمين تنبيهاً على إكرامها وصيانتها عن الأقذار» (٣).

القرينة الثانية: ورود النهي في باب الأدب والإرشاد.

قال ابن بطال -رحمه الله- (٤): «أما الاستنجاء باليمين: فمذهب مالك، وأكثر الفقهاء أن مَنْ فعل ذلك فبئس ما فعل، ولا شيء عليه .... لأن النهى عن الاستنجاء باليمين من باب الأدب، … فينبغي التأدب بأدب النبي -صلى الله عليه وسلم- وسلف الصحابة، وتنزيه اليمنى عن استعمالها في الأقذار ومواضعها» (٥).


(١) سنن الترمذي (١/ ٢٣).
(٢) أخرجه أبو داود، كتاب الطهارة، باب كراهية مس الذَّكَر باليمين في الاستبراء (١/ ٢٦) برقم: (٣٣)، وأحمد (٤٣/ ٣١٧) برقم: (٢٦٢٨٣)، قال النووي في (رياض الصالحين) (ص: ٢٤٢): «حديث صحيح: رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح»، وقال ابن الملقن في (البدر المنير) (٢/ ٣٧١): «قال الدوري: قال ابن معين: لم يسمع إبراهيم من عائشة، ومراسيله صحيحة»، وقال ابن حجر في (التلخيص الحبير) (١/ ٣٢٢): «له شاهد من حديث حفصة رواه أبو داود وأحمد وابن حبان والحاكم».
(٣) المنهاج شرح صحيح مسلم (٣/ ١٥٦).
(٤) هو: علي بن خَلف بن بطّال البكري القرطبي، ثم البلنسي، أبو الحسن ويعرف بابن اللّجام، كان من كبار المالكية، من أهل العلم والمعرفة، عُني بالحديث العناية التامة، له مؤلف «شرح البخاري» في عدة أسفار، تُوفي سنة ٤٤٩ هـ. يُنظر: سير أعلام النبلاء (١٣/ ٣٠٣)، الديباج المذهب (٢/ ١٠٥)، شذرات الذهب (٥/ ٢١٤).
(٥) شرح صحيح البخاري (١/ ٢٤٤)، ويُنظر: المنهاج شرح صحيح مسلم (٣/ ١٥٦).

<<  <   >  >>