للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الترجيح:

بعد عرض الأقوال وأدلتها يتبين أن الراجح -والله أعلم- القول الأول القائل بعدم كراهة استقبال بيت المقدس عند التخلِّي.

أسباب الترجيح:

١ - أن النهي متوجه إلى القِبلة، وبيت المقدس ليست قِبلة بعد النسخ.

٢ - ضعف دليل النهي، وورود المناقشة عليه.

٣ - أن دعوى الإجماع منقوض.

[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]

الذي يظهر أن أصحاب القول الثاني حملوا النهي على الكراهة؛ بدليل القرائن التالية:

القرينة الأولى: الإجماع.

قال النووي -رحمه الله-: «إن قيل: لم حملتموه في بيت المقدس على التنزيه؟ قلنا: للإجماع، فلا نعلم مَنْ يُعتد به حرّمه، والله أعلم» (١).

القرينة الثانية: ورود النهي في باب الأدب والإرشاد.

قال النووي: « … وفي بيت المقدس نهي تنزيه» (٢).

وجاء في (بذل المجهود): «وهو نهي تنزيه لا تحريم اتفاقًا» (٣).

والعلة: تعظيم حُرمة بيت المقدس؛ إذ كان قِبلةً للمسلمين مرةً.

الحكم على القرينة:

قرينة الإجماع من أقوى القرائن المعتبرة، لكن دعوى الإجماع على عدم تحريم استقبال بيت المقدس عند التخلِّي، دعوى فيها نظر؛ لوجود المخالف، فلا تقوم مقام الصارف المعتبر.

وقرينة ورود النهي في باب الأدب والإرشاد معتبرة، تصرف النهي من التحريم إلى


(١) المجموع (٢/ ٨١).
(٢) المجموع (٢/ ٨١).
(٣) في حل سنن أبي داود (١/ ١٩٩).

<<  <   >  >>