للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - أن خوف الرياء والسمعة يرِد على المصلي، سواء كان الموضع فاضلاً أم مفضولاً.

٣ - أن فيه تحقيقَ ما جاءت به الشريعة من البعد عن مشابهة البهائم في العموم، وفي الصلاة على وجه الخصوص.

[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]

الذي يظهر أن الفقهاء حملوا النهي عن الإيطان على الكراهة بدلالة قرينة: المقصد من النهي.

وذلك أن النهي عن إيطان المكان في المسجد جاء مقصوده مصلحة صلاة المؤمن وصيانتها من أن يرِد عليها ما ينقص أجرها من الرياء والسمعة، والاخلال بالخشوع، وفيه معنى التنزيه عن مشابهة الحيوانات في الصلاة.

قال ابن عابدين -رحمه الله- (١): «لأنه يُخِل بالخشوع، أي: لأنه إذا اعتاده ثم صلى في غيره، يبقى باله مشغولاً بالأول، بخلاف ما إذا لم يألف مكاناً معيناً» (٢).

وجاء في (مرقاة المفاتيح): «قال ابن حجر: وحكمته أن ذلك يؤدي إلى: الشهرة، والرياء، والسمعة، والتقيد بالعادات، والحظوظ، والشهوات، وكل هذه آفات، أيُّ آفات! فتعيَّن البُعد عما أدى إليها ما أمكن» (٣).

الحكم على القرينة:

الذي يظهر أن قرينة المقصد من النهي معتبرة هنا وقوية؛ لما بيَّنه الفقهاء من الحِكم والمعاني المعتبرة في باب مكروهات الصلاة، ولعدم المعارض، والله تعالى أعلم.


(١) هو: محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز بن أحمد بن عبد الرحيم عابدين الدمشقي، وُلد في دمشق سنة ١١٩٨ هـ، كان علَّامة في التفسير والفقه والحديث والنحو والبيان، وكان فقيه الديار الشامية وإمام الحنفية، من كتبه: «رد المحتار على الدر المختار» يُعرف بحاشية ابن عابدين، و «رفع الأنظار عما أورده الحلبي على الدر المختار» و «العقود الدرية في تنقيح الفتاوي الحامدية» و «نسمات الأسحار على شرح المنار» و «حواش على تفسير البيضاوي» وغيرها، تُوفي سنة ١٢٥٢ هـ. يُنظر: حلية البشر (ص: ١٢٣٠)، الأعلام، للزركلي (٦/ ٤٢).
(٢) (١/ ٦٦٢).
(٣) (٢/ ٧٢٧).

<<  <   >  >>