للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يمكن أن يُناقش: أن دلالة الحديث في تحري المكان الفاضل؛ لقصد النبي -صلى الله عليه وسلم- له، وليس فيه ذِكر الإيطان، وفَرْقٌ بين التحري والإيطان. والنهي جاء مطلقاً فيشمل الفرض والتطوع.

سبب الخلاف:

السبب -والله أعلم- هو الخلاف في النهي في حديث عبد الرحمن بن شبل -رضي الله عنه- أهو للعموم أم خُصص بحديث سلمة -رضي الله عنه-؟

فمن الفقهاء مَنْ ذهب إلى أنه للكراهة على العموم، ومنهم مَنْ قال بأن حديث سلمة مُخصِّص لعموم حديث النهي، فيُترخص في المكان الفاضل أو الذي هو للحاجة، ومنهم مَنْ جعل حديث سلمة مقيداً، فرخص في النفل.

الترجيح:

بعد عرض الأقوال وأدلتها يتبين أن الراجح -والله أعلم- قول الجمهور بكراهة إيطان الرجل المكان في المسجد مطلقاً.

قال ابن رجب -رحمه الله- في (فتح الباري): «وكان للإمام أحمد مكان يقوم فيه في الصلاة المكتوبة خلف الإمام، فتأخر يوماً، فنحاه الناس، وتركوه، فجاء بعد ذلك، فقام في طرف الصف، ولم يقم فيه، وقال: قد جاء أنه يُكره أن يوطن الرجل مكانه» (١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في (مجموع الفتاوى) (٢): «ليس لأحد من الناس أن يختص بشيء من المسجد بحيث يمنع غيره منه دائماً، بل قد (نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن إيطان كإيطان البعير)، قال العلماء: معناه أن يتخذ الرجل مكاناً من المسجد لا يصلي إلا فيه، فإذا كان ليس له ملازمة مكان بعينه للصلاة، فكيف بمن يتحجر بقعة دائماً».

أسباب الترجيح:

١ - أن الصلاة في أماكن متعددة دون ملازمة مكان واحد، فيه تكثير لمواضع العبادة، والتي تكون شهوداً يوم القيامة.


(١) (٤/ ٥٣).
(٢) (٢٢/ ١٩٥).

<<  <   >  >>