للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شيء يكون محلاً للأذى.

فإن لم يكن عن يساره أحد يضعهما عن يساره، وإلا فلا؛ لأنه يكون يمين غيره فيؤذيهم، ويندب له وضعهما بين رجليه، وقوله: (فَلا يُؤذِ) خبر بمعنى النهي يفيد المنع من أذى الآدمي، وإن قل التأذي (١)، والنهي في باب الأدب محمول على الكراهة (٢).

الدليل الثالث: عن عبد الله بن السائب -رضي الله عنه- (٣) قال: ((رَأَيْتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يُصلِّي يومَ الفَتحِ ووضعَ نَعليهِ عَنْ يَسَارِهِ)) (٤).

وجه الاستدلال:

أن فِعل النبي -صلى الله عليه وسلم- دليل على أن الأدب للمصلي منفرداً كان أو إماماً: أن يضع نعليه عن يساره، لئلا يؤذي أحداً، وإكراماً لليمين، ولأن اليسار جُعلت للأشياء المستقذرة من الأفعال (٥).

[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]

حمل الفقهاء النهي على الكراهة، والذي يظهر من كلام أهل العلم أن الصارف هو: قرينة المقصد من النهي.

ذكر العلماء أن المقصد من النهي تكريم جهة اليمين واحترامها، وصيانة لحق المسلم، والمنع من إيذائه، وحفاظاً على خشوعه والتفات قلبه إن جعله خلفه.


(١) يُنظر: معالم السنن (١/ ١٨٢)، شرح سنن أبي داود، لابن رسلان (٤/ ١١٧)، شرح أبي داود، للعيني (٣/ ١٩٩)، فيض القدير (١/ ٣٩٠).
(٢) يُنظر: التحبير شرح التحرير (٥/ ٢٢٨١)، الأساليب الشرعية الدالة على الأحكام التكليفية (ص: ٣٢٣).
(٣) هو: عبد الله بن السائب بن أبى السائب المحزومي، أبو السائب أو أبو عبد الرحمن المكي، له ولأبيه صحبة، كان قارئ أهل مكة، وقرأ عليه مجاهد وغيره، سكن مكة ومات بها في إمارة ابن الزبير. يُنظر: الاستيعاب (٣/ ٩١٥)، أسد الغابة (٣/ ٢٥٤)، تهذيب التهذيب (٥/ ٢٢٩).
(٤) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب الصلاة في النَّعل (١/ ٤٨٣) برقم: (٦٤٨)، والنسائي في السنن الصغرى، كتاب القبلة، باب أين يضع الإمام نعليه إذا صلى بالناس؟ (٢/ ٧٤) برقم: (٧٧٦)، وابن ماجه، أبواب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فِي أين توضع النعل إذا خلعت فِي الصلاة (٢/ ٤٢٨) برقم: (١٤٣١)، وأحمد (٢٤/ ١١٣) برقم: (١٥٣٩٢)، والحاكم (١/ ٣٩٠) برقم: (٩٥٣). صححه ابن خزيمة (١/ ٥٠٠) برقم: (١٠١٤)، وابن حبان (٥/ ٥٦٣) برقم: (٢١٨٩).
(٥) يُنظر: تحفة الراكع والساجد بأحكام المساجد (ص: ٣٧٢)، فيض القدير (١/ ٣٩٠).

<<  <   >  >>