للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأكل في المحجمة (١) المغسولة.

والثاني: أن المراد بالحديث حالة تحقق نجاستها؛ لأن النهي عن الأكل في أوانيهم التي كانوا يطبخون فيها لحم الخنزير، ويشربون فيها الخمر، كما صرح به في رواية أبي داود لحديث أبي ثعلبة الخشني: ((إِنَّا نُجَاوِرُ أَهْلَ الْكِتَابِ، وَهُمْ يَطْبُخُونَ فِي قُدُورِهِمُ الْخِنْزِيرَ، وَيَشْرَبُونَ فِي آنِيَتِهِمُ الْخَمْرَ)) (٢).

الترجيح:

بعد عرض الأقوال وأدلتها يتبين أن الراجح -والله أعلم- القول بإباحة استعمال آنية أهل الكتاب ما لم تتحقق نجاستها.

أسباب الترجيح:

١ - قوة الأدلة، وسلامتها من المناقشة والمعارضة.

٢ - موافقة هذا القول للأصل؛ فالأصل في الآنية الطهارة والإباحة.

٣ - موافقة القول بالإباحة لما جاءت به الشريعة من التيسير والتخفيف على الناس.

٤ - ضعف ما علل به أصحاب القول الثاني، وورود المناقشة عليه.

[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]

مما سبق تبين أن بعض الفقهاء حمل النهي عن استعمال آنية أهل الكتاب على الكراهة، والذي يظهر من كلام أهل العلم أن القرينة الصارفة: ورود النهي في باب الأدب والإرشاد.

وذلك أن النهي عنها فيه إرشاد وتنزيهٌ عن النجاسة المحتملة في آنيتهم.

وعلة النهي: الاستقذار؛ لكونهم لا يجتنبون النجاسة (٣)، وهذه علة لا توجب التحريم.


(١) المحجم بالكسر: الآلة أو القارورة التي يجتمع فيها دم الحجامة عند المص. يُنظر: الصحاح تاج اللغة (٥/ ١٨٩٤)، النهاية في غريب الحديث والأثر (١/ ٣٤٧).
(٢) أخرجه أبو داود، كتاب الأطعمة، باب الأكل في آنية أهل الكتاب والمجوس والطبخ فيها (٥/ ٦٤٩) برقم: (٣٨٣٩)، والحديث أصله في الصحيحين، وقد سبق في أول المبحث.
(٣) يُنظر: المغني (١/ ٦٢)، المجموع (١/ ٢٦٤).

<<  <   >  >>