للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سَنِخَةٍ (١)، فَأَجَابَهُ)) (٢).

وجه الاستدلال: إجابة النبي -صلى الله عليه وسلم- لدعوة اليهودي، وأكْله مما قُدم له في آنيتهم، دليل على جواز استعمال آنيتهم والأكل فيها (٣).

دليل القول الثاني:

حديث أبي ثعلبة الْخُشَنِيِّ -رضي الله عنه- قال: قلت: ((يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟ وَبِأَرْضِ صَيْدٍ أَصِيدُ بِقَوْسِي وَبِكَلْبِي الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ وَبِكَلْبِي الْمُعَلَّمِ، فَمَا يَصْلُحُ لِي؟ قَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ: فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا، وَمَا صِدْتَ بِقَوْسِكَ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الْمُعَلَّمِ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ غَيْرِ مُعَلَّمٍ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ، فَكُلْ)) (٤).

وجه الاستدلال: أن قوله: (فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسلوها) صريح في المنع من استعمالها عند توفُّر غيرها، أو قبل غسلها بالماء، وأقل أحوال النهي الكراهة؛ لأنهم لا يتورعون عن النجاسة، ولا تسلم آنيتهم من أطعمتهم (٥).

نُوقش: بأن الأصل في الآنية الطهارة والإباحة، والحكم للأصل حتى تتحقق النجاسة (٦).

وأن الحديث يُحمل على أمرين (٧):

أحدهما: أنه نُهي عن الأكل فيها للاستقذار -إن كانت مُعدَّة للنجاسة- كما يُكره


(١) سَنِخَة: سنخ الدهن: إذا فسدَ وتغيّرتْ ريحُه، سنخة: أي: المتغيرة الريح. يُنظر: الصحاح (١/ ٤٢٤)، النهاية في غريب الحديث والأثر (١/ ٨٤)، فتح الباري، لابن حجر (٥/ ١٤١).
(٢) أخرجه أحمد (٢٠/ ٤٢٤) برقم: (١٣٢٠١)، صححه ابن حبان (١٢/ ١٠٣) برقم: (٥٢٩٣)، وقال البوصيري في (إتحاف الخيرة) (٤/ ٢٩٩): «هذا إسناد رجاله ثقات».
(٣) يُنظر: فتح القدير، للكمال بن الهمام (١/ ٧٤).
(٤) سبق تخريجه ص: (٨٥).
(٥) يُنظر: المغني (١/ ٦٢)، المجموع (١/ ٢٦١)، عمدة القاري (٢١/ ٩٦).
(٦) يُنظر: عمدة القاري (٢١/ ٩٦).
(٧) يُنظر: المجموع (١/ ٢٦٥)، عمدة القاري (٢١/ ٩٦).

<<  <   >  >>