للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الرابع:

النهي عن الانتعال قائماً

المطلب الأول: حكم الانتعال قائماً:

دليل النهي:

عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: ((نَهَى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَنْتَعِلَ الرَّجُلُ قَائِماً)) (١).

الأقوال في المسألة:

اختلف الفقهاء في حكم الانتعال قائماً، على قولين:

القول الأول: كراهة الانتعال قائماً.

وهو مذهب المالكية (٢)، والشافعية (٣)، والحنابلة (٤)، وخُص النهي بما يلحقه مشقة أو خوف سقوط مَنْ لبسه قائماً.

ولعله يمكن القول بأن الكراهة هو مذهب الحنفية (٥)؛ تخريجاً على ما سبق من إجماع الفقهاء على أن الأوامر والنواهي في باب الانتعال إنما هي من الآداب، وليس شيء منها على الوجوب ولا الحظر (٦).

القول الثاني: لا يُكره الانتعال قائماً.


(١) أخرجه ابن ماجه، أبواب اللباس، باب الانتعال قائماً (٤/ ٦٠٨) برقم: (٣٦١٩)، قال البوصيري في (مصباح الزجاجة) (٤/ ٩٢): «هذا إسناد صحيح، وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله»، وهو عند الترمذي من حديث أبي هريرة وأنس، وقال بعد تخريجهما (٤/ ٢٤٣): «هذا حديث غريب، وقال محمد بن إسماعيل: ولا يصح هذا الحديث، ولا حديث معمر، عن عمار بن أبي عمار، عن أبي هريرة»، وقال الألباني بعد إيراد طرق الحديث في (سلسلة الأحاديث الصحيحة) (٢/ ٣٤١): «وخلاصة القول: أن الحديث بمجموع طرقه صحيح بلا ريب». وحديث جابر الذي أشار إليه البوصيري سيأتي عند ذِكر الأدلة.
(٢) يُنظر: البيان والتحصيل (١٨/ ٥٠).
(٣) يُنظر: المجموع (٤/ ٤٦٦)، مغني المحتاج (١/ ٥٨٦).
(٤) يُنظر: الفروع (٢/ ٨٤)، كشاف القناع (١/ ٢٨٥).
(٥) لم أقف على نص لفقهاء الحنفية في هذه المسألة حسب ما تيسَّر بين يديَّ من كتبهم إلا ما وجدته في (المفاتيح في شرح المصابيح) للضرير الشيرازي الحنفي، حيث قال في شرح حديث النهي (٥/ ٣٦): «هذا النهي مختص بما في لبسه تعب عن القيام كلبس الخف؛ فإن النعل تحتاج إلى شد شراكها، فلبسها جالساً أسهل، فأما لبس القفش: فليس في لبسه قائماً تعب، فلا يدخل تحت النهي».
(٦) يُنظر: إكمال المعلم (٦/ ٦١٦)، المفهم (٥/ ٤١٦)، المنهاج شرح صحيح مسلم (١٤/ ٧٥).

<<  <   >  >>