للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث:

النهي عن تأخير صلاة العصر إلى اصفرار الشمس

[المطلب الأول: حكم تأخير صلاة العصر إلى اصفرار الشمس]

دليل النهي:

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ، يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ (١) قَامَ فَنَقَرَهَا أَرْبَعاً لَا يَذْكُرُ اللهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً)) (٢)، وفي رواية: ((تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ، تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ -ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- يَجْلِسُ أَحَدُهُمْ حَتَّى إِذَا اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ وَكَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ، أَوْ عَلَى قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ -قَامَ فَنَقَرَ أَرْبَعاً لَمْ يَذْكُرِ اللهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً)) (٣).

تحرير محل النزاع:

أولاً: محل الإجماع:

أجمع العلماء (٤) على أنه لا يجوز تأخير الصلاة عمداً حتى يخرج وقتها.

قال ابن تيمية -رحمه الله-: «مسألة: ولا يحل تأخيرها عن وقتها إلا لناوٍ جمعها أو مشتغل عنها بشرطها: أما فِعلها في الوقت المضروب لها: ففرض، وتأخيرها عنه عمداً من الكبائر؛ لقوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (٥) والمحافظة عليها: فِعلها في الوقت … والنصوص


(١) بين قرني الشيطان: أي ناحيتي رأسه وجانبيه. يُنظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (٤/ ٥٢). واختلفوا في المراد به: «قيل: هو على حقيقته وظاهر لفظه، والمراد أنه يحاذيها بقرنيه عند غروبها، وكذا عند طلوعها؛ لأن الكفار يسجدون لها حينئذ، فيقارنها؛ ليكون الساجدون لها في صورة الساجدين له، ويخيل لنفسه ولأعوانه أنهم إنما يسجدون له، وقيل: هو على المجاز، والمراد بقرنه وقرنيه: علوه وارتفاعه وسلطانه وتسلطه وغلبته وأعوانه، قال الخطابي: هو تمثيل، ومعناه أن تأخيرها بتزيين الشيطان ومدافعته لهم عن تعجيلها كمدافعة ذوات القرون لما تدفعه، والصحيح الأول» قاله النووي -رحمه الله- في (المنهاج) (٥/ ١٢٤)، ويُنظر بقية الأقوال في تأويله في: معالم السنن (١/ ١٣٠).
(٢) أخرجه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب التبكير بالعصر (١/ ٤٣٤) برقم: (٦٢٢).
(٣) أخرجه ابن حبان، كتاب الإيمان، ذكر إثبات اسم المنافق على المؤخر صلاة العصر إلى اصفرار الشمس (١/ ٤٩٤) برقم: (٢٦١).
(٤) يُنظر: اختلاف الأئمة العلماء (١/ ٨٢)، شرح العمدة، لابن تيمية - كتاب الصلاة (ص: ٥٣).
(٥) سورة البقرة: الآية (٢٣٨).

<<  <   >  >>