للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في ذلك كثيرة، وهو مجمع عليه» (١).

ثانياً: محل النزاع:

اختلف الفقهاء في حكم تَعمُّد تأخير العصر إلى اصفرار الشمس بلا عذر، على قولين:

القول الأول: يحرم تأخير العصر إلى اصفرار الشمس.

وهو قول بعض الحنفية (٢)، ومذهب المالكية (٣)، والحنابلة (٤).

القول الثاني: يُكره تأخير العصر إلى اصفرار الشمس.

وهو المذهب عند الحنفية (٥)، والشافعية (٦)، ورواية عن الإمام أحمد -رحمه الله- (٧).

أدلة الأقوال:

أدلة القول الأول:

الدليل الأول: قال الله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (٨).

وجه الاستدلال: أن الله تعالى ذَمَّ مَنْ أضاع الصلاة، وتوعَّدهم بالعذاب، وقد قال أكثر أهل العلم: إضاعة الصلاة تأخيرها عن وقتها (٩)، فمَن أخَّر العصر إلى اصفرار الشمس مُؤخِّرٌ لها عن وقتها، مُفرِّطٌ فيما أُمر بحفظه ورعايته، آثمٌ؛ لتضييعه وتفريطه (١٠).

الدليل الثاني: عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((وَقْتُ الظُّهْرِ مَا لَمْ


(١) شرح العمدة، لابن تيمية - كتاب الصلاة (ص: ٥٤).
(٢) يُنظر: تبيين الحقائق (١/ ٨٣)، مراقي الفلاح (ص: ٧٤).
(٣) يُنظر: الذخيرة (٢/ ٢٤)، التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (١/ ٢٧٣)، مواهب الجليل (١/ ٤٠٩).
(٤) يُنظر: المغني (١/ ٢٧٣)، المحرر في الفقه (١/ ٢٨).
(٥) يُنظر: بدائع الصنائع (١/ ١٢٧)، البناية (٢/ ٥٢)، حاشية ابن عابدين (١/ ٣٧٢).
(٦) يُنظر: العزيز شرح الوجيز (١/ ٣٦٩)، المجموع (٣/ ٢٨).
(٧) يُنظر: المبدع (١/ ٣٠٠)، الإنصاف (٣/ ١٤٦).
(٨) سورة مريم: الآية (٥٩).
(٩) يُنظر: تفسير القرطبي (١١/ ١٢٢)، شرح العمدة، لابن تيمية - كتاب الصلاة (ص: ٥٣).
(١٠) يُنظر: مواهب الجليل (١/ ٤٠٩).

<<  <   >  >>