للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]

اتفق الفقهاء على أن النهي عن نَتْف الشَّيْب يُحمل على الكراهة؛ بدليل القرائن التالية:

القرينة الأولى: ورود النص في نفس الحديث ببيان علة النهي.

فالقرينة: قوله -صلى الله عليه وسلم-: (كانت له نورا يوم القيامة) تعليل بأن الشَّيْب نور ووقار للمسلم ونور له يوم القيامة، يراد به الترغيب.

جاء في (نيل الأوطار): «في تعليله بأنه نور المسلم ترغيبٌ بليغٌ في إبقائه وترك التعرض لإزالته، وتعقيبه بقوله: (ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام) والتصريح بكتب الحسنة ورفع الدرجة وحط الخطيئة -نداءٌ بشرف الشَّيْب وأهله، وأنه من أسباب كثرة الأجور، وإيماءٌ إلى أن الرُّغوبَ عنه بنَتْفه رغوبٌ عن المثوبة العظيمة» (١).

القرينة الثانية: المقصد من النهي.

ذلك أن النهي عن النَتْف أُريد به الحث على ترك الشَّيْب وإبقائه والترغيب فيما سيكون له من الثواب يوم القيامة، والإرشاد إلى أن الأفضل للمسلم عدم التعرض للشيب؛ لأن فيه معنى تغيير الخلقة.

قال ابن حجر -رحمه الله-: «إنما نهى عن النَتْف دون الخضب؛ لأن فيه تغيير الخلقة من أصلها، بخلاف الخضب: فإنه لا يغيِّر الخِلقة على الناظر إليه، والله أعلم» (٢).

الحكم على القرينة:

الذي يظهر أن هذه القرائن قوية ومعتبرة؛ لورود النص بالتعليل بأن الشَّيْب نور للمسلم، فحُمل -بدلالتها- النهيُ على الكراهة باتفاق الفقهاء.


(١) (١/ ١٥١).
(٢) فتح الباري (١٠/ ٣٥٥) نقلاً عن ابن العربي.

<<  <   >  >>