للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]

الذي يظهر من كلام أهل العلم أن الصارف للنهي عن التحريم القرائن التالية:

القرينة الأولى: ورود النص، وحُكي فيها فِعله -صلى الله عليه وسلم- للمنهي عنه.

أشار بعض أهل العلم إلى أن حديث عائشة -رضي الله عنها-: ((رُبَّمَا مَشَى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ)) (١) قرينة صارفة للنهي عن التحريم؛ لأنه وقع منه نادراً؛ لبيان الجواز كما يشير إليه التعبير بـ (ربما) المفيدة للتقليل، أو أنه لعذر كما جاء مصرحاً به في رواية (٢).

قال أبو زرعة العراقي -رحمه الله- (٣): «بوَّب الترمذي بعد إيراد هذا الحديث على الرخصة في المشي في نعل واحدة، وروى فيه عن عائشة -الحديث- ثم رواه موقوفاً على عائشة، وقال: إنه أصح (٤)، … وقال والدي -رحمه الله- (٥) في شرح الترمذي: لعله بتقدير ثبوته وقع منه نادراً؛ لبيان الجواز أو لعذر، وفي بعض طرقه التصريح بالعذر» (٦).


(١) أخرجه الترمذي، أبواب اللباس، باب ما جاء من الرخصة في المشي في النعل الواحدة (٤/ ٢٤٤) برقم: (١٧٧٧)، قال ابن حجر في (فتح الباري) (١٠/ ٣١٠): «ضعيف … وقد رجح البخاري وغير واحد وَقْفَه على عائشة»، وقال المزي في (تحفة الأشراف) (١٢/ ٢٧٦): «قال الترمذي في الحديث الثاني الموقوف على عائشة: وهذا أصح، وإنما أراد الترمذي أن الموقوف أصح من المرفوع، لا أن الإسناد وقع فيه وهم كما ذكر أبو القاسم؛ ولهذا استشهد برواية الثوري وغيره للموقوف، والله أعلم».
(٢) يُنظر: المقدمات الممهدات (٣/ ٤٥٠)، طرح التثريب (٨/ ١٣٤)، فيض القدير (١/ ٣٠٧).
(٣) هو: أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين الكردي الرازياني ثم المصري، ولي الدين أبو زرعة بن الإمام العلامة الحافظ زين الدين أبي الفضل العراقي، وُلد بالقاهرة سنة ٧٦٢ هـ، كان حافظاً فقيهاً، تولى القضاء سنة ٨٢٤ هـ، من كتبه: «الإطراف بأوهام الأطراف» و «رواة المراسيل» و «حاشية على الكشاف» و «أخبار المدلسين» و «تحرير الفتاوى» وغير ذلك، وله نظم ونثر كثير، تُوفي سنة ٨٢٦ هـ. يُنظر: طبقات الشافعية، لابن قاضي شهبة (٤/ ٨٠)، شذرات الذهب (٩/ ٢٥١).
(٤) سنن الترمذي (٤/ ٢٤٤) برقم: (١٧٧٨).
(٥) هو: عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم، الحافظ زين الدين أبو الفضل العراقي الأصل الكردي، المصري، الشافعي، وُلد سنة ٧٢٥ هـ، كان فقيهاً، محدثاً، محرراً، ناقداً، تولى قضاء المدينة وخطابتها وإمامتها، وكان كثير الحياء والعلم والتواضع، من مؤلفاته: «الألفية في مصطلح الحديث» و «كتاب في المراسيل» و «تقريب الأسانيد» و «نظم الاقتراح» و «تخريج أحاديث الأحياء» و «طرح التثريب في شرح التقريب» بلغ إلى ثلثيه، وأكمله بعده ابنه أبو زرعة، وغير ذلك من المصنفات، تُوفي سنة ٨٠٦ هـ. يُنظر: ذيل طبقات الحفاظ، للسيوطي (ص: ٢٤٥)، طبقات الشافعية، لابن قاضى شهبة (٤/ ٢٩).
(٦) طرح التثريب (٨/ ١٣٤).

<<  <   >  >>