للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الخامس عشر:

النهي عن اعتماد المصلي على يديه إذا نهض في الصلاة

[المطلب الأول: حكم اعتماد المصلي على يديه إذا نهض في الصلاة]

دليل النهي:

عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: ((أَنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى أَنْ يَعْتَمِدَ الرَّجُلُ عَلَى يَدَيْهِ إِذَا نَهَضَ فِي الصَّلَاةِ)) (١).

صورة المسألة:

إذا أراد المصلي أن ينهض من السجود أو الجلوس إلى القيام، فكيف ينهض؟ وما حكم اعتماده على يديه عند النهوض؟

تحرير محل النزاع:

أولاً: اتفق الفقهاء (٢) على أن مَنْ شقَّ عليه النهوض لِكِبَر، أو ضعف، أو مرض، أو سمن ونحوه، فإنه يُسن له الاعتماد بيديه على الأرض عند النهوض.

الأدلة:

الدليل الأول: عن علي -رضي الله عنه- قال: ((إِنَّ مِنَ السُّنَّةِ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ إِذَا نَهَضَ


(١) أخرجه أبو داود عن ابن عبد الملك، كتاب الصلاة، باب كراهية الاعتماد على اليد في الصلاة (٢/ ٢٣٤) برقم: (٩٩٢)، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الصلاة، جماع أبواب صفة الصلاة، باب الاعتماد بيديه على الأرض إذا نهض (٣/ ٦٤٠) برقم: (٢٨٤٩) وقال: «هذا حديث قد اختُلف في متنه على عبد الرزاق .... ورواية ابن عبد الملك وهم»، وضعفه النووي في (المجموع) (٣/ ٤٤٥)؛ لجهالة ابن عبد الملك ومخالفته لرواية الثقات.
الحديث له ثلاث روايات عند أبي داود والبيهقي: رواية بالنهي عن الاعتماد في الصلاة مطلقاً، ورواية مقيدة بالجلوس، ورواية مقيدة بالنهوض، وهو عند: ابن خزيمة (١/ ٣٦٥) برقم: (٦٩٢)، والحاكم (١/ ٣٥٣) برقم: (٨٣٧)، دون رواية التقييد بالنهوض، وقال الحاكم في (المستدرك): «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه»، فلعل رواية النهوض تتقوى برواية النهي مطلقاً؛ لدخولها فيه، ولا تنافيَ بين الروايات، وبحديث وائل بن حجر، وفيه: (رَفَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ)، وحديث أبي هريرة: (كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَنْهَضُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ)، وقد قال الترمذي فيهما (٢/ ٨٠): «عليه العمل عند أهل العلم»، والله أعلم. وسيأتي ذكر الحديثين عند ذكر الأدلة.
(٢) تبيين الحقائق (١/ ١١٩)، النهر الفائق (١/ ٢١٨)، البيان والتحصيل (١/ ٣٤٥)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (٢/ ٢٢٨)، المجموع (٣/ ٤٤٢)، المغني (١/ ٣٨١)، شرح الزركشي (١/ ٥٧٣). مذهب المالكية والشافعية استحباب الاعتماد مطلقاً للمشقة ولغير المشقة.

<<  <   >  >>