للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - أن العناية بالمسجد وتنظيفه واحترامه واجب؛ لقوله تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (١).

٣ - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل البزاق في المسجد خطيئة.

[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]

ذهب المالكية إلى كراهة البُصاق في المسجد لمَن لا يدفنها، والذي يظهر من كلام أهل العلم أن الصارف للنهي عن التحريم: ورود النص بالتعليل بما يُفهم منه عدم التحريم.

وذلك في: حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إِذَا تَنَخَّمَ أَحَدُكُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَلْيُغَيِّبْ نُخَامَتَهُ؛ أَنْ تُصِيبَ جِلْدَ مُؤْمِنٍ أَوْ ثَوْبَهُ، فَتُؤْذِيَهُ)) (٢). وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (كفارتها دفنها).

قال القاضي عياض -رحمه الله- (٣): «فأما مَنْ اضطُر إلى ذلك، فدفن، وفعل ما أُمر به: فلم يأتِ خطيئة، فكأن بدفنه لها أزال عنه الخطيئة وكفَّرها، لو قدَّرنا بصاقه فيه ولم يدفنه.

وأصل التكفير: التغطية، فكأن دفنها غطاء لما يُتصور عليه من الذم والإثم لو لم يفعل، وكونه خطيئة إنما هو لمن تَفل فيه ولم يدفن؛ لأنه يقذر المسجد، ويتأذى به مَنْ يعلق به أو رآه، كما جاء فى الحديث الآخر: (لئلا تصيب جلد مؤمن أو ثوبه، فتؤذيه)» (٤).

الحكم على القرينة:


(١) سورة الحج: جزء من الآية (٢٦).
(٢) أخرجه أحمد (٣/ ١٢١) برقم: (١٥٤٣)، قال الهيثمي في (مجمع الزوائد) (٢/ ١٨): «رجاله موثقون»، وحسَّن إسناده ابن حجر في (فتح الباري) (١/ ٥١٢).
(٣) هو: عياض بن موسى بن عياض بن عمرو اليَحْصَبيُّ السَّبْتِيُّ، المالكي الحافظ، أبو الفضل، وُلد بسبتة سنة ٤٧٦ هـ، كان إمام وقته في الحديث وعلومه والنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم، وَلي قضاء سبتة، ثم قضاء غِرْناطة، وصنف التصانيف المفيدة منها: «الإكمال في شرح كتاب مسلم» كمَّل به «المعلم في شرح مسلم» للمازري، ومنها: «مشارق الأنوار»، «ترتيب المدارك وتقريب المسالك في معرفة أعلام مذهب الإمام مالك»، «مشارق الأنوار» وغيرها، تُوفي سنة ٥٤٤ هـ. يُنظر: وفيات الأعيان (٣/ ٤٨٣)، الديباج المذهب (٢/ ٤٦)، شذرات الذهب (٦/ ٢٢٦).
(٤) إكمال المعلم (٢/ ٤٨٧).

<<  <   >  >>