للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الرابع: عن شعبة (١) مولى ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: ((صليت إلى جنب ابن عباس، ففقعت أصابعي، فلما قُضيت الصلاة قال: لَا أُمَّ لَكَ، تُقَعْقِعُ أَصَابِعَكَ وَأَنْتَ فِي الصَّلَاةِ)) (٢).

وجه الاستدلال: أن إنكار الصحابي على المفقع أصابعه، دليل على أنه مكروه في الصلاة، وأن الصلاة ينبغي أن تُنزه عن مثل هذا العبث الذي لا يليق بالوقوف بين يدي المولى -جل وعلا-.

[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]

الذي يظهر من كلام أهل العلم أن الصارف للنهي عن التحريم قرينة: ورود النهي في باب الأدب والإرشاد.

فالذي يظهر أن الفقهاء حملوا النهي على الكراهة لما فيه من الترغيب إلى التزام الأدب حين الوقوف بين يدي الله -عز وجل-، وإرشاداً وتنزيهاً للصلاة عن العبث المخل بالخشوع، والنهي في باب الأدب والإرشاد محمول على الكراهة (٣).

فترْك الفَرْقعة والعبث من باب الأدب، وهو وسيلة للمحافظة على كمال الخشوع في الصلاة.

قال القرافي -رحمه الله-: «القاعدة: أن الوسائل تبع للمقاصد ودونها في الرتبة: فوسيلة الواجب واجبة، ودونه في الوجوب، ووسيلة المندوب مندوبة، ودونه في الندب، ووسيلة المباح مباحة غير أنها لا يمكن أن تكون أدنى منه؛ لتعذر ذلك في المباح؛ لضرورة


(١) هو: شعبة بن دينار القرشي الهاشمي، مولى ابن عباس، ويُكنى أبا عبد الله، صدوق سيء الحفظ من الرابعة، روى عنه ابن أبي ذئب وعدة من أهل المدينة وغيرهم، ولم يروِ عنه مالك بن أنس، مات في وسط خلافة هشام. يُنظر: تقريب التهذيب (ص: ٢٦٦)، الطبقات الكبرى (٥/ ٢٢٥).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ١٢٨) برقم: (٧٢٨٠)، حسّنه زكريا غلام في (ما صح من آثار الصحابة في الفقه) (١/ ٢٩٧)، وقال الألباني في (إرواء الغليل) (٢/ ٩٩): «سنده حسن».
(٣) يُنظر: التحبير شرح التحرير (٥/ ٢٢٨١)، الأساليب الشرعية الدالة على الأحكام التكليفية (ص: ٣٢٣).

<<  <   >  >>