للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]

حمل أصحاب القول الثاني النهي على الكراهة، والذي يظهر من كلام أهل العلم أن الصارفَ له القرائنُ التالية:

القرينة الأولى: الاستدلال بأنها لو حلقت لم يكن حراماً.

قال ابن بطال -رحمه الله-: «حديث ابن عباس ليس معناه التحريم؛ بدليل أن المرأة لو حلقت رأسها في الحج مكان التقصير اللازم لها لم تأتِ في ذلك حراماً» (١).

القرينة الثانية: ورود النهي في باب الأدب والإرشاد.

قال المناوي -رحمه الله-: «(نهى أن تحلق المرأة رأسها) فيُكره ذلك تنزيهاً» (٢).

والعلة: التنزيه عن التشبه بالرجال، أو خيفة أن تمثل المرأة بنفسها؛ لأن الحلق فيهن مُثلة، وقد نهي عنه (٣).

الحكم على القرينة:

الذي يظهر أن قولهم: (أنها لو حلقت لم يكن حراماً) لا يُعد قرينة صارفة؛ إذ هو قول بلا دليل، بل أجمع العلماء على أنه ليس عليها حلق في النسك، وقرينة ورود النهي في باب الأدب والتنزيه غير معتبرة؛ إذ إن التعليل بالتشبُّه والمُثلة أقرب للقول بالتحريم؛ لأن تشبه النساء بالرجال حرام، وكذلك المثلة، والله تعالى أعلم بالصواب.


(١) شرح صحيح البخاري (٩/ ١٧٠).
(٢) التيسير بشرح الجامع الصغير (٢/ ٤٧٨).
(٣) يُنظر: المجموع (٨/ ٢١٠)، أسنى المطالب (١/ ٤٩١)، التيسير بشرح الجامع الصغير (٢/ ٤٧٨).

<<  <   >  >>