للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الأول: يُحمل النهي على الكراهة لمن خِيف أن تنكشف عورته، ويجوز إن أَمِن الانكشاف.

وهو مذهب الشافعية (١)، والحنابلة (٢).

القول الثاني: يجوز الاستلقاء، والنهي عنه منسوخ.

وهو مذهب الحنفية (٣)، والمالكية (٤).

أدلة الأقوال:

أدلة القول الأول:

الدليل الأول: عن جابر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لَا يَسْتَلْقِيَنَّ أَحَدُكُمْ، ثُمَّ يَضَعُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى)).

وجه الاستدلال: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الاستلقاء بهذه الصفة، والنهي محمول على الكراهة؛ لعلة خوف انكشاف العورة؛ إذ كان لباسهم الأُزُر دون السراويلات، والغالب أن المستلقي إذا رفع إحدى رجليه على الأخرى -مع ضيق الإزار- لم يسلم أن ينكشف، أما إذا توقى عن الانكشاف بإزار سابغ أو لبس السراويلات: فلا بأس به؛ جمعاً بين الأحاديث (٥).

الدليل الثاني: عن عبد الله بن زيد -رضي الله عنه-: ((أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مُسْتَلْقِياً فِي الْمَسْجِدِ، وَاضِعاً إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى)) (٦).

وجه الاستدلال: أن فِعله -صلى الله عليه وسلم- دليل على جواز الاستلقاء في المسجد، وهو محمول على حال أمْن الانكشاف، والنهي محمول على خوف الانكشاف؛ جمعاً بين الأدلة (٧).

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول: حديث عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- المتقدم، وفيه حكاية فِعله -صلى الله عليه وسلم-.


(١) يُنظر: المجموع (٢/ ١٧٦).
(٢) يُنظر: الشرح الكبير (٣/ ١١٨)، كشاف القناع (٢/ ٣٧١).
(٣) يُنظر: شرح معاني الآثار (٤/ ٢٧٩)، عمدة القاري (٤/ ٢٥٥).
(٤) يُنظر: التمهيد (٩/ ٢٠٥)، إكمال المعلم (٦/ ٦٢٠).
(٥) يُنظر: معالم السنن (٤/ ١٢٠)، المنهاج شرح صحيح مسلم (١٤/ ٧٨).
(٦) سبق تخريجه: ص (٢٧١).
(٧) يُنظر: معالم السنن (٤/ ١٢٠)، المنهاج شرح صحيح مسلم (١٤/ ٧٨)، فتح الباري، لابن رجب (٣/ ٤٠٦).

<<  <   >  >>