للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مما يشبه شد الزُّنَّار؟

الأقوال في المسألة:

اختلف الفقهاء في حكم شد الوسط في الصلاة، على قولين:

القول الأول: يجوز شد الوسط في الصلاة.

وهو مذهب الحنفية (١)، والحنابلة (٢)، وقيده الحنابلة بما لا يشبه شد الزُّنَّار، فإن كان بما يشبه شد الزُّنَّار فيُكره ولا يختص ذلك بالصلاة.

القول الثاني: يكره شد الوسط في الصلاة (٣).

وهو قول عند الحنفية (٤)، ومذهب المالكية (٥)، والشافعية (٦).

أدلة الأقوال:

أدلة القول الأول: استدلوا على جواز شد الوسط بما يأتي:

الدليل الأول: حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: ((نَهَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ حَتَّى يَحْتَزِمَ (٧) (٨).

وجه الاستدلال: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى الرجل عن الصلاة حتى يحتزم، فدل على أن شد الوسط لا يُكره، بل يؤمر به؛ لأنهم كانوا قلَّما يتسرولون، ومَن كان عليه إزار، وكان جيبه واسعاً، ولم يشد وسطه -ربما انكشفت عورته (٩).


(١) يُنظر: البناية (٢/ ٤٤٧)، حاشية الطحطاوي (ص: ٣٦٨).
(٢) يُنظر: الشرح الكبير (٣/ ٢٥٢)، فتح الباري، لابن رجب (٧/ ٢٦٥)، كشاف القناع (١/ ٢٧٦).
(٣) ولم يتعرضوا لقيد: كون ما يُشد به يشبه الزنار أم لا. والذي يظهر أن مذهب الحنفية والمالكية والشافعية في شد الوسط بما يشبه الزنار: الكراهة؛ أخذا من قولهم بكراهة التشبه بزي الكفار والأعاجم في مواضع كثيرة. يُنظر: بدائع الصنائع (١/ ٢١٩)، المعونة (ص: ٢٣١)، روضة الطالبين (١/ ٢٨٩).
(٤) يُنظر: البناية (٢/ ٤٤٧)، حاشية ابن عابدين (١/ ٦٤٠).
(٥) يُنظر: مواهب الجليل (١/ ٥٠٢)، الفواكه الدواني (١/ ٢١٦).
(٦) يُنظر: أسنى المطالب (١/ ١٦٣)، تحفة المحتاج (٢/ ١٦٢).
(٧) يحتزم: أي: يتلبب ويشد وسطه. يُنظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (١/ ٣٧٩)، لسان العرب (١٢/ ١٣١).
(٨) أخرجه أبو داود، كتاب البيوع، باب في بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها (٥/ ٢٥٢) برقم: (٣٣٦٩)، وأحمد (١٦/ ١١٣) برقم: (١٠١٠٥)، ذكره ابن حجر في (إتحاف المهرة) (١٦/ ٣١٥)، قال الألباني في (الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب) (١/ ٢٩٨): «وهذا إسناد رجاله ثقات، رجال مسلم غير مولى قريش، فلم يُسمَّ».
(٩) يُنظر: المغني (١/ ٤١٩)، مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود (٢/ ٨٣٧).

<<  <   >  >>