للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى أنه يحمل على الكراهة وليس للتحريم.

القرينة الثالثة: قرينة الحال وسبب النهي.

أن النهي في حديث أبى قتادة كان سببه صنيعهم في حديث أبي هريرة وطول انتظارهم النبي -صلى الله عليه وسلم- للأمر الذى شغله عنهم، وأنهم كانوا يقومون ساعة إقامة الصلاة ولو لم يخرج النبي -صلى الله عليه وسلم-، فنهاهم عن ذلك (١)؛ شفقة عليهم من الانتظار قياماً، لا على سبيل الحتم والتحريم.

الحكم على القرينة:

الذي يظهر أن القرائن قوية ومعتبرة؛ فالقرينة الأولى قرينة نصية، وهي أقوى القرائن الصارفة، فالقرينة هنا قوية في أصلها ولثبوتها وقوة دلالتها، والقرينة الحالية هنا قوية ومعتبرة؛ لأنها في أصلها تعتمد على نص صحيح يصف الحال والحدث، ولدلالتها على موضوع النهي؛ فقد جاءت في بيان الرخصة وجواز المنهي عنه، وقرينة المقصد من النهي كذلك معتبرة لاعتبار مقصد الرفق بالمأمومين.

فالذي يظهر أن القرائن قوية صالحة لصرف النهي عن التحريم إلى الكراهة، ولأنه بذلك تجتمع الأدلة، وإعمال جميع الأدلة أولى من إهمال بعضها، والله تعالى أعلم.


(١) يُنظر: إكمال المعلم (٢/ ٥٥٧)، فتح الباري، لابن حجر (٢/ ١٢٠).

<<  <   >  >>