للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصَّلَاةِ)) (١).

الدليل الخامس: عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ السُّجُودِ فَلَا تُقْعِ كَمَا يُقْعِي الْكَلْبُ، ضَعْ أَلْيَتَيْكَ بَيْنَ قَدَمَيْكَ، وَأَلْزِقْ ظَاهِرَ قَدَمَيْكَ بِالأرض)) (٢).

وجه الاستدلال من الأحاديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن عقبة الشيطان، وهو الإقعاء المنهي عنه في الأحاديث الأخرى، وفُسر الإقعاء بأن يفرش قدميه ويجلس بأليتيه على عقبيه، وقال بكراهته عامة أهل العلم (٣)؛ لأن سنة الصلاة أن يكون جلوسه بين السجدتين كهيئة جلوسه في التشهد (٤)، والعدول عن هيئة جلوسه -صلى الله عليه وسلم- إلى نوع آخر في غاية من قلة الأدب، ولما فيه من التشبه بالكلاب (٥).

نُوقش من وجهين:

الأول: أن حديث علي وحديث أنس ضعيفان متكلم في إسنادهما، وحديث عائشة صحيح وفيه النهي عن عقبة الشيطان، وهو محمول على الإقعاء بالمعنى الأول كما فسره أهل اللغة (٦)، وما صح من أحاديث النهي فهي محمولة على هذا المعنى.

الثاني: أن الصواب والصحيح أن الإقعاء المنهي عنه هو الإقعاء بمعناه عند أهل اللغة؛ لأن إقعاء الكلب يكون بهذه الصفة، وهو غير الإقعاء المسنون (٧)، ولأن الأسماء التي لم تثبت لها معانٍ شرعية يجب أن تُحمل على المعنى اللغوي حتى يثبت لها معنى


(١) أخرجه الحاكم (١/ ٤٠٥) برقم: (١٠٠٥) وقال: «هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه». ويُنظر: نصب الراية (٢/ ٩٢).
(٢) أخرجه ابن ماجه، أبواب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب الجلوس بين السجدتين (٢/ ٦٣) برقم: (٨٦٩). قال البوصيري في (مصباح الزجاجة) (١/ ١١٠): «هذا إسناد ضعيف، قال ابن حبان والحاكم: العلاء أبو محمد روى عن أنس أحاديث موضوعة، وقال البخاري وغيره: منكر الحديث، وقال ابن المديني: كان يضع الحديث». ويُنظر: خلاصة الأحكام (١/ ٤١٨)، البدر المنير (٣/ ٥٢١)، التلخيص الحبير (١/ ٤٠٧).
(٣) يُنظر: معالم السنن (١/ ٢٠٩)، المغني (١/ ٣٧٧).
(٤) يُنظر: البيان والتحصيل (١/ ٢٥٧).
(٥) يُنظر: مرقاة المفاتيح (٢/ ٦٥٤).
(٦) يُنظر: المنهاج شرح صحيح مسلم (٥/ ١٩)، شرح أبي داود، للعيني (٤/ ٣٠).
(٧) يُنظر: المبسوط، للسرخسي (١/ ٢٦)، المجموع (٣/ ٤٣٩)، فتح القدير، للكمال بن الهمام (١/ ٤١١).

<<  <   >  >>