للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثاً: أن حمل الإقعاء المنهي عنه على المعنى الأول الذي فسره به أهل اللغة هو الصحيح؛ لأن الأسماء التي لم تثبت لها معانٍ شرعية يجب أن تُحمل على المعنى اللغوي؛ حتى يثبت لها معنى شرعي، بخلاف الأمر في الأسماء التي تثبت لها معانٍ شرعية، ولأن أحاديث النهي والمعارض لها ترشد إلى ذلك؛ لما فيها من التصريح بإقعاء الكلب، ولما في أحاديث العبادلة من التصريح بالإقعاء على القدمين وعلى أطراف الأصابع (١).

رابعاً: أن قول ابن عباس: (مِنَ السُّنَّةِ أَنْ تَضَعَ أَلْيَتَيْكَ عَلَى عَقِبَيْكَ فِي الصَّلَاةِ): «يُثبِت هذا المعنى سنة، وهو الذي نفاه ابن عمر عن السنة، والمثبت أَولى من النافي من جهة النظر ومن جهة الأثر أيضاً؛ لأن الحديث المسند إنما فيه أن يقعي الرجل كما يقعي الكلب، والكلب إنما يقعد على أليته ورجلاه من كل ناحية» (٢).

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ((كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يَسْتَفْتِحُ الصَّلَاةَ بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ … وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ)) (٣).

الدليل الثاني: عن عليٍّ -رضي الله عنه- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يَا عَلِيُّ، إِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي، وَأَكْرَهُ لَكَ مَا أَكْرَهُ لِنَفْسِي، لَا تُقْعِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ)) (٤).

الدليل الثالث: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: ((أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِثَلَاثٍ، وَنَهَانِي عَنْ ثَلَاثٍ: أَمَرَنِي بِرَكْعَتَيِ الضُّحَى كُلَّ يَوْمٍ، وَالْوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ، وَصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَنَهَانِي عَنْ نَقْرَةٍ كَنَقْرَةِ الدِّيكِ، وَإِقْعَاءٍ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ، وَالْتِفَاتٍ كَالْتِفَاتِ الثَّعْلَبِ)) (٥)، وجاء في رواية: (( … وَإِقْعَاءٍ كَإِقْعَاءِ الْقِرْدِ … )) (٦).

الدليل الرابع: عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: ((نَهَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الْإِقْعَاءِ فِي


(١) يُنظر: بداية المجتهد (١/ ١٤٩)، التوضيح لشرح الجامع الصحيح (٧/ ٢٤٤)، نيل الأوطار (٢/ ٣٢١).
(٢) الاستذكار (١/ ٤٨٢).
(٣) سبق تخريجه: ص (٤٢٨).
(٤) سبق تخريجه: ص (٤٣٢).
(٥) سبق تخريجه: ص (٣٩٢).
(٦) أخرجه أحمد (١٣/ ٣٨) برقم: (٧٥٩٥). قال ابن الملقن في (البدر المنير) (٣/ ٥٢١): «في إسناده: ليث بن أبي سليم، وقد علمت ما فيه في باب الوضوء» وقد نقل تضعيف ليث في موضع آخر. والحديث له شواهد.

<<  <   >  >>