للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الخامس: أن حديث أبي هريرة أرجح؛ لأن دلالته قولية، وقد تأيد بحديث ابن عمر، أما حديث وائل: فدلالته فعلية (١).

نُوقش: بأن الأصل أن فِعله -صلى الله عليه وسلم- لا يعارض قوله الخاص بالأمة (٢).

سبب الخلاف:

الذي يظهر أن الاختلاف يرجع إلى سببين:

الأول: الاختلاف في موضع الركبتين من البعير، هل هي في يديه أم رجليه.

الثاني: تعارُض حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وحديث وائل بن حجر -رضي الله عنه-، واختلفوا في أيهما أثبت: فمنهم مَنْ ذهب إلى أن حديث وائل بن حجر أثبت من حديث أبي هريرة وهم الجمهور، فقالوا بتقديم الركبتين قبل اليدين، وذهب المالكية إلى أن حديث أبي هريرة أثبت، فقالوا بتقديم اليدين على الركبتين (٣).

الترجيح:

بعد عرض الأقوال وأدلتها يتبين أن الراجح -والله أعلم- القول الأول القائل بأنه يُستحب تقديم الركبتين على اليدين عند السجود، وهو ما ذهب إليه الجمهور.

قال الترمذي -رحمه الله-: « … والعمل عليه عند أكثر أهل العلم: يرون أن يضع الرجل ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه» (٤).

أسباب الترجيح:

١ - قوة أدلة هذا القول؛ فحديث وائل بن حجر أثبت، ويؤيده ما ورد من آثار الصحابة -رضي الله عنهم-.

٢ - ضعف أدلة القول الثاني؛ لوقوع الاختلاف في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وأثر ابن عمر -رضي الله عنهما-.

٣ - أن السجود بتقديم الركبتين فيه تحقيقُ مخالفةِ بروك البعير؛ لأنه ينزل بيديه أولاً.

٤ - أنه أرفق بالمصلي، وأحسن في الشكل ورأي العين.


(١) يُنظر: شرح أبي داود، للعيني (٤/ ٢٦).
(٢) يُنظر: الإحكام، للآمدي (١/ ١٩١)، أصول الفقه، لابن مفلح (١/ ٣٦٣)، نيل الأوطار (٢/ ٢٩٥).
(٣) يُنظر: بداية المجتهد (١/ ١٤٧).
(٤) سنن الترمذي (٢/ ٥٦).

<<  <   >  >>