للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تلقي شكر تلك النعمة الخطيرة بهذه الفِعلة الحقيرة» (١).

القرينة الثانية: المقصد من النهي.

أن المقصد من النهي المحافظة على الصلاة وخشوعها، والتنزيه عن الانشغال عنها بالعبث، ومسح الحصى بما يزيد عن المرة الواحد في الصلاة نوع من العبث المنافي للخشوع، والعبث مكروه.

قال ابن حجر -رحمه الله-: «والذي يظهر أن علة كراهيته المحافظة على الخشوع، أو لئلا يكثر العمل في الصلاة، … وألا يجعل بينه وبين الرحمة التي تواجهه حائلاً» (٢).

وقال العيني في (البناية): «لا يقلب الحصى؛ لأنه نوع عبث، وهو خلاف الخشوع، وقد مدح الله الخاشعين في الصلاة بقوله: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)} (٣)» (٤).

القرينة الثالثة: النهي عنه في حال دون حال.

فالنهي عن مس الحصا حال الكثرة، ورخص فيه إن كان مرة.

ففي الإذن بالمرة الواحدة دليل وصارف للنهي عن ظاهره -وهو التحريم- إلى الكراهة (٥).

قال النووي -رحمه الله-: «قوله: إن كنت لا بد فاعلاً فواحدة: معناه: لا تفعل، وإن فعلت فافعل واحدة لا تزد، وهذا نهي كراهة تنزيه» (٦).

الحكم على القرينة:

الذي يظهر أن قرينة العلة من النهي قرينة قوية ومعتبرة؛ لقوتها في أصلها؛ إذ هي قرينة نصية جاءت في نفس الحديث وقوية؛ لثبوتها ولدلالتها على معنى النهي المقصود، وقرينة المقصد كذلك قرينة قوية ومعتبرة؛ فمقصد المحافظة على الصلاة وخشوعها والتنزيه عما ينافيها هو ما يُفهم من النواهي التي من هذا القبيل، أقصد بها: النواهي عن أنواع من العبث، والله تعالى أعلم.


(١) للطيبي (٣/ ١٠٧٦).
(٢) فتح الباري (٣/ ٧٩).
(٣) سورة المؤمنون: الآيتان (١ - ٢).
(٤) (٢/ ٤٣٦)، ويُنظر له: شرح أبي داود (٤/ ٢١٢).
(٥) يُنظر: فتح الباري، لابن حجر (٣/ ٧٩).
(٦) المنهاج شرح صحيح مسلم (٥/ ٣٧).

<<  <   >  >>