للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضاً: «أجمع المسلمون طُرّاً (١) أن الكلام عامداً في الصلاة إذا كان المصلي يعلم أنه في صلاة، ولم يكن ذلك في إصلاح صلاته -يفسد الصلاة» (٢).

وقال ابن بطال -رحمه الله-: «أجمع العلماء أن المصلى لا يرد السلام متكلماً» (٣).

وقال ابن المنذر -رحمه الله-: «أجمعوا على أن مَنْ تكلم في صلاته عامداً وهو لا يريد إصلاح شيء من أمرها، أن صلاته فاسدة» (٤).

الأدلة:

الدليل الأول: عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ، وَيُسَلِّمُ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ، وَيُوصِي أَحَدُنَا بِالْحَاجَةِ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَأَخَذَنِي مَا قَدُمَ، وَمَا حَدُثَ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: ((إِنَّ اللهَ -عز وجل- يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا شَاءَ، وَإِنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ أَلَا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ)) (٥).

الدليل الثاني: قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ)) (٦).

الدليل الثالث: حديث جابر -رضي الله عنه- قال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَبَعَثَنِي فِي حَاجَةٍ، فَرَجَعْتُ وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ وَوَجْهُهُ عَلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: ((إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ أُصَلِّي)) (٧)، وفي رواية: ((فَسَلَّمْتُ


(١) طُرّاً: أي: جميعاً. يُنظر: الصحاح (٢/ ٧٢٥).
(٢) التمهيد (١/ ٣٥٠).
(٣) شرح صحيح البخاري (٣/ ٢٠٧).
(٤) الإجماع، لابن المنذر (ص: ٤٨).
(٥) أخرجه البخاري تعليقاً، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي} [سورة الرحمن: الآية: (٢٩)] (٩/ ١٥٢)، وأخرجه أبو داود كتاب الصلاة، باب رد السلام في الصلاة (٢/ ١٨٧) برقم: (٩٢٤)، وأحمد (٧/ ٢١٠) برقم: (٤١٤٥) واللفظ له، وصححه ابن حبان (٦/ ١٥) برقم: (٢٢٤٣).
(٦) أخرجه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة، ونسخ ما كان من إباحته (١/ ٣٨١) برقم: (٥٣٧)، والحديث في قصة معاوية بن الحكم السلمي -رضي الله عنه- الذي شمّت عاطساً في الصلاة.
(٧) أخرجه البخاري، أبواب العمل في الصلاة، باب لا يرد السلام في الصلاة (٢/ ٦٦) برقم: (١٢١٧)، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة، ونسخ ما كان من إباحته (١/ ٣٨٤) برقم: (٥٤٠) واللفظ له.

<<  <   >  >>