للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القرائن التالية:

القرينة الأولى: المقصد من النهي.

فالمقصد من النهي: التنفير من هذه الهيئة التي لا تناسب الصلاة؛ فإن التشبيه بالأشياء الخسيسة مما يناسب تركُه محافظةً على الهيئة المشروعة في الصلاة، ويقصد به أيضاً تكريم بني الإنسان وهذا مقصد من مقاصد الشريعة.

أشار ابن دقيق العيد -رحمه الله- إلى مقصد التنفير؛ حيث يقول: «قد ذُكر في هذا الحديث الحكم مقروناً بعلته؛ فإن التشبيه بالأشياء الخسيسة مما يناسب تركُه في الصلاة، ومِثل هذا التشبيه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قصد التنفير عن الرجوع في الهبة قال: ((مَثَلُ الراجع في هبته كالكلب يعود في قيئه)) (١) أو كما قال» (٢).

القرينة الثانية: ورود النهي في باب الأدب والإرشاد.

ذلك أن النهي جاء في باب الأدب والإرشاد للتنزيه؛ فالنهي عن افتراش الذراعين فيه: إرشاد لأدب الصلاة، وتنزيه لها عما لا يليق من الهيئات، والنهي في باب الأدب محمول على الكراهة (٣).

قال النووي -رحمه الله-: «مقصود أحاديث الباب أنه ينبغي للساجد أن يضع كفيه على الأرض، ويرفع مرفقيه عن الأرض وعن جنبيه رفعاً بليغاً بحيث يظهر باطن إبطيه إذا لم يكن مستوراً، وهذا أدب مُتفَق على استحبابه … والنهي للتنزيه» (٤).

والمعنى في ذلك:

تنوعت أقوال العلماء في العلة من النهي، منها ما ذكره القاضي عياض -رحمه الله-، وتبعه مَنْ


(١) الحديث أخرجه البخاري، كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته (٣/ ١٦٤) برقم: (٢٦٢٣)، ومسلم، كتاب الهبات، باب كراهة شراء الإنسان ما تصدق به ممَّن تُصدق عليه (٣/ ١٢٣٩) برقم: (١٦٢٠)، ولم أجده باللفظ الذي أورده ابن دقيق العيد، ولعله أورده بالمعنى؛ فقد أتبعه بقوله: (أو كما قال)، ولفظ البخاري: ((لَا تَشْتَرِهِ وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ،؛ فَإِنَّ العَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ)).
(٢) إحكام الأحكام (١/ ٢٥٦).
(٣) يُنظر: التحبير شرح التحرير (٥/ ٢٢٨١)، الأساليب الشرعية الدالة على الأحكام التكليفية (ص: ٣٢٣).
(٤) المنهاج شرح صحيح مسلم (٤/ ٢٠٩).

<<  <   >  >>