للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحنابلة (١).

القول الثاني: الكراهة.

وهو المذهب عند الشافعية (٢)، والحنابلة (٣).

أدلة الأقوال:

أدلة القول الأول:

الدليل الأول: عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: ((اعْتَكَفَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْمَسْجِدِ، فَسَمِعَهُمْ يَجْهَرُون بِالْقِرَاءَةِ، فَكَشَفَ السترَ، وَقَالَ: ألا إِنَّ كُلَّكُمْ مُنَاجٍ رَبَّهُ، فَلَا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، وَلَا يَرْفَعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقِرَاءَةِ -أَوْ قَالَ: فِي الصَّلَاةِ-)) (٤).

الدليل الثاني: حديث البياضي -رضي الله عنه- (٥): ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ عَلَى النَّاسِ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَقَدْ عَلَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالْقِرَاءَةِ، فَقَالَ: إِنَّ الْمُصَلِّي يُنَاجِي رَبَّهُ -عز وجل-، فَلْيَنْظُرْ مَاذَا يُنَاجِيهِ بِهِ (٦)، وَلَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ (٧) (٨).

وجه الاستدلال: أن في الحديثين نهياً صريحاً عن رفع مصلٍ وغيره الصوت


(١) يُنظر: مطالب أولي النهى (١/ ٥٩٧).
(٢) يُنظر: إعانة الطالبين (١/ ١٨٠)، حاشية الجمل (١/ ٣٦٠).
(٣) يُنظر: الفروع (٢/ ٣٨٦)، كشاف القناع (١/ ٤٣٣)، مطالب أولي النهى (١/ ٥٩٧).
(٤) سبق تخريجه: ص (٤٧٣).
(٥) هو: فروَة بن عمرو بن ودَقة بن عبيد بن عامر بن بياضة البياضي الأنصاري، شهد العقبة، وشهد بدراً، وما بعدها من المشاهد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وآخى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينه وبين عبد الله بن مخرمة العامري. يُنظر: الاستيعاب (٣/ ١٢٥٩)، الإصابة (٥/ ٢٧٨).
(٦) مَاذَا يُنَاجِيهِ بِهِ: أي: من القول على سبيل التعظيم والتبجيل، ومواطأة القلب اللسان، وذلك إنما يحصل إذا لم ينازعه صاحبه بالقراءة. يُنظر: المفاتيح في شرح المصابيح (٢/ ١٣٩)، شرح المشكاة (٣/ ١٠٠٩).
(٧) لا يجهر بعضكم على بعض: يعني: ليقرأ كل واحد ما يقرأ من غير رفع صوت، وعُدِّي بـ (على)؛ لإرادة معنى الغلبة، أي: لا يغلب ولا يشوش بعضكم بعضاً جاهراً بالقراءة. يُنظر: المفاتيح في شرح المصابيح (٢/ ١٤٠)، شرح المشكاة (٣/ ١٠٠٩).
(٨) أخرجه النسائي في السنن الكبرى، كتاب الاعتكاف، باب هل يعظ المعتكف؟ وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك (٣/ ٣٨٧) برقم: (٣٣٥٠)، وأحمد (٣١/ ٣٦٣) برقم: (١٩٠٢٢)، قال ابن عبد البر في (التمهيد) (٢٣/ ٣١٩): «حديث البياضي وحديث أبي سعيد ثابتان صحيحان، والله أعلم»، وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد) (٢/ ٢٦٥): «رجاله رجال الصحيح»، وله شاهد من حديث ابن عمر في صحيح ابن خزيمة (٢/ ١٠٦٧) برقم: (٢٢٣٧).

<<  <   >  >>