للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثالث: حديث معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلَاثَ: الْبَرَازَ فِي الْمَوَارد، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَالظِّلِّ)) (١).

وجه الاستدلال: أن ظاهر الأحاديث يدل على تحريم التخلِّي في طرق الناس وظِلِّهم؛ لما فيها من أذية المسلمين بإبطال منفعتهم، ولأنها تجلب لعن الناس على فاعلها (٢).

الدليل الرابع: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((مَنْ آذَى الْمُسْلِمِينَ فِي طُرُقِهِمْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَعْنَتُهُمْ)) (٣).

وجه الاستدلال: دل الحديث على استحقاق مَنْ يؤذي المسلمين اللعنة منهم، واللعن دليل التحريم (٤).

أدلة القول الثاني:

استدل القائلون بالكراهة بحديثي أبي هريرة ومعاذ -رضي الله عنهم-.

وجه الاستدلال: أن النهي عن قضاء الحاجة في مواطن انتفاع الناس يُحمل على الكراهة؛ لوروده في باب التنزيه والآداب (٥).

يمكن أن يُناقش: بأن الوعيد على مَنْ فعل ما فيه أذية للمسلمين وكونها جالبة للعن الناس، قرائن تؤكد أن النهي على الأصل وهو التحريم.

الترجيح:

بعد عرض الأقوال وأدلتها ومناقشتها يتبين أن الراجح -والله أعلم- القول الأول القائل بتحريم قضاء الحاجة في طريق الناس وظِلِّهم.

أسباب الترجيح:


(١) سبق تخريجه: ص (٥٠).
(٢) يُنظر: المفهم (١/ ٥٢٤)، الفروع (١/ ١٣٢)، نيل الأوطار (١/ ١١٢).
(٣) أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير) (٣/ ١٧٩) برقم: (٣٠٥٠) وانفرد به، حسّن إسناده الهيثمي في (مجمع الزوائد) (١/ ٢٠٤).
(٤) يُنظر: سبل السلام (١/ ١٠٩).
(٥) يُنظر: المجموع (٢/ ٨٧)، نهاية المحتاج (١/ ١٤٠).

<<  <   >  >>